+A
A-

بالصور: فنانة سويسرية تصنع إبداعات الستينات بقرية ”تونس“ المصرية

هبة محسنالإبداع قدرة لتخرج به إلى عالم غير المألوف وتستطيع أن تقنع به من حولك وتصل بفكرتك إلى طريق النجاح، بدأت "الحدوته" في مطلع ستينات القرن الماضي، حيث جاءت الفنانة السويسرية المتخصصة في أعمال الخزف ايفلين بوريه التي ساقها القدر لتزور ”أم الدنيا“ مع والدها وتسحبها أقدامها إلى ريف مصر، حيث تقع محافظة الفيوم إحدى قرى ريف مصر. وتشدها طبيعة المكان لشراء منزل هناك في إحدى قرى المحافظة هي وزوجها الشاعر سيد حجاب.

كان لي حظ كبير أن يسوقني القدر في زيارتي الأخيرة لمصر أن أذهب إلى هذه القرية لألتقي بهذه السيدة التي تبلغ من العمر أكثر من 80 عاما بهرتني شخصيتها وعشقها للريف المصري ليست من هواة الظهور الإعلامي، تمل من تكرار أسئلة الزوار بشكل عام، والصحفيين بشكل خاص، ولذلك لم تتحدث كثيرا، ولكنها عبرت عن حبها وعشقها لريف مصر: "لو أنا مش عجبني الريف كنت هقعد هنا أكتر من 50 سنة؟ طبعا بيعجبني المصريين" والريف المصري أفضل من الريف في سويسرا.

لم تتوقف الحكاية عند ايفلين لمجرد امتلاكها منزلا واستمتاعها بالطبيعة البسيطة هناك .. قررت أن تصنع بصمة يتذكرها أهل هذه القرية البكر والتي كانت مهنتهم التي ورثوها من الأجداد الزراعة وصيد البط والسمك من بحيرة قارون وبيعهم، ويسكنون العشش.

نجحت ايفلين في وضع اللبنة الأولى لبناء مدرسة لتعليم صناعة الخزف، والتي تحولت مع الوقت إلى جامعة مفتوحة لكل من يريد تعلم هذه الحرفة المربحة، وتعاقب على هذه المدرسة ثلاث أجيال حتى الآن، ثم جاء الفنان المعماري حسن فتحي ليكمل الأبداع ببناء بيوت على طراز معماري خاص، إذ توفر لأهل القرية عدم التأثر بدرجات الحرارة الخارجية خاصة وأن درجات الحرارة في تلك المنطقة معروف عنها ارتفاعها، فتصنع من الحجارة والرمل والطين، وتزين جذوع النخل النوافذ وأسقف وأسطح المنازل على هيئة قباب من الطوب اللبني، كما يتميز البيت بوجود سور خارجي به بوابة من الطوب اللبن تقودك إلى فناء مكشوف تحيط به غرف الدار من جميع الجهات.

وباتت القرية مزارا سياحيًا لصناعات الخزف، حيث تقام المعارض الشهرية والسنوية، إيمان إيفلين بمنتجات قرية تونس دفعها للترويج لها في بلادها، وما هي إلا سنوات قليلة حتى تحولت القرية إلى قبلة للسائحين الأوروبيين العاشقين للخزف، إذ جمعت في صناعتها بين التراث المصري والعربي والأندلسي واليوناني والأوروبي، وهو ما ميزها عن غيرها من المنافسين في هذا المجال.

 

متحف الكاريكاتير ومركز الفنون

من الملامح التي تميز القرية وجود متحف للوحات الكاريكاتير التي نشرت في الصحف والإصدارات الخاصة في مصر، الفكرة كانت لرسالة الكاريكاتير المصري محمد عبلة، الذي نجح في تأسيس أول متحف للكاريكاتير في العالم العربي وكان ذلك في مارس 2009 بحضور كوكبة من عشاق هذا الفن.

الهدف من إقامة هذا المتحف كان محاولة لإنقاذ كنوز الكاريكاتير التي تعرضت وتتعرض للضياع والاندثار، وبذلك حقق عبلة حلم زهدي العدوي، رائد الكاريكاتير في مصر والمتوفى العام 1977 والذي كان يتمنى تدشين مثل هذا المتحف التراثي التوثيقي لواحد من الفنون "مهضومة الحق" في الدول العربية.

قطار الفن بالقرية لم يتوقف عند محطة المتحف فحسب، فهناك مركز الفيوم للفنون، وهو المكان الذي جمع فيه أكبر وأهم الفنانين التشكيليين على مستوى العالم، في محاولة لتقديم صورة حية للتفاعل بين الفنانين المصرين والأجانب، وأيضا لتكوين كوادر شابة من الفنانين المصرين تكون لديهم القدرة على بناء مشاريع فنية كبيرة.

تتميز القرية بوجود عدد من الفنادق المبنية على التراث التقليدي القديم الذي يتميز بالبساطة والميل للطبيعة أكثر من مظاهر التطور الحديثة.