+A
A-

كيف يملك زوج حق قطع الكهرباء عن أسرته بهدف الانتقام؟

نشرت‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬متابعة‭ ‬صحافية‭ ‬للمحامية‭ ‬ابتسام‭ ‬الصباغ‭ ‬تتعلق‭ ‬بدعوى‭ ‬طلاق‭ ‬كسبتها‭ ‬لـ‭ ‬“زوجة‭ ‬متضررة”،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬عاشتها‭ ‬الزوجة‭ ‬كابوسا‭ ‬مرعبا‭ ‬وعذابات‭ ‬مريرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الزوج؛‭ ‬وتعقيدات‭ ‬إجرائية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البيروقراطيات‭ ‬المتعددة‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دوائرنا‭ ‬الحكومية‭. ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬عجاف‭ ‬من‭ ‬“ضياع”‭ ‬الحق‭ ‬والعدل‭ ‬والإنسانية‭ ‬عاشتها‭ ‬الزوجة‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬فيها‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬بمجملها‭ ‬وتفاصيلها‭ ‬المريرة‭ ‬إهانة‭ ‬للنفس‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬أكرمها‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭.‬

وفي‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فإن‭ ‬القضية‭ ‬أثارت‭ ‬عندي‭ ‬تساؤلات‭ ‬عديدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بتفاصيل‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬أولها‭: ‬كيف‭ ‬يملك‭ ‬زوج‭ ‬حق‭ ‬قطع‭ ‬الكهرباء‭ ‬عن‭ ‬أسرته‭ ‬بهدف‭ ‬الانتقام‭ ‬بدون‭ ‬رادع‭ ‬من‭ ‬تشريع‭ ‬قانوني‭ ‬أو‭ ‬إجرائي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أمني‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬تمكين‭ ‬الزوج‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬والحياتية‭ ‬عن‭ ‬زوجته‭ ‬أو‭ ‬أسرته‭ ‬لغايات‭ ‬انتقامية‭ ‬أو‭ ‬إيذائية‭ ‬أو‭ ‬لابتزاز‭ ‬الزوجة‭ ‬وإخضاعها،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬تصبح‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬الحياتية‭ ‬المهمة‭ ‬جدا‭ ‬ورقة‭ ‬انتقام‭ ‬وضغط‭ ‬وتعذيب‭ ‬متاحة‭ ‬وبسهولة‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الزوج؟‭!‬

إنها‭ ‬فجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬يجب‭ ‬التصدي‭ ‬لها‭ ‬بإجراءات‭ ‬إدارية‭ ‬وتشريعات‭ ‬وقوانين‭ ‬تحمي‭ ‬حق‭ ‬الزوجة‭ ‬والأسرة‭ ‬وتحفظ‭ ‬كرامتها‭ ‬وتحصنها‭ ‬إنسانيًّا‭ ‬من‭ ‬تعسف‭ ‬الزوج‭.‬

وكذلك‭ ‬تساءلت‭ ‬ومعي‭ ‬كل‭ ‬الحق‭ ‬والمبررات‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الجمعيات‭ ‬النسائية‭ ‬عداك‭ ‬عن‭ ‬جمعيات‭ ‬الحقوق‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وكيف‭ ‬أنها‭ ‬تجاهلت‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬وعذاباتها‭ ‬المتواصلة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬ولم‭ ‬تتدخل‭ ‬لحماية‭ ‬تلك‭ ‬الأسرة‭ ‬المعنفة‭ ‬تعنيفا‭ ‬دائما‭ ‬ومتواصلا؟‭! ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬هذه‭ ‬الجمعيات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬فرصة‭ ‬ومناسبة‭ ‬لمناقشة‭ ‬تداعياتها‭ ‬وأسبابها؟‭ ‬وبالتالي‭ ‬عامل‭ ‬ضغط‭ ‬باتجاه‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬المرأة؟‭! ‬وكان‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تستثمر‭ ‬الفضاء‭ ‬الإعلامي‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توسعة‭ ‬قاعدتها‭ ‬النسائية‭ ‬وبث‭ ‬الوعي‭ ‬بحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬وجعل‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬مادة‭ ‬دسمة‭ ‬للنقاش‭ ‬على‭ ‬أوسع‭ ‬نطاق‭.‬

وأعود‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬رجال‭ ‬الدين،‭ ‬وخاصة‭ ‬الشباب‭ ‬منهم،‭ ‬فقد‭ ‬توقعت‭ ‬أن‭ ‬ينبري‭ ‬أحدهم‭ ‬لبيان‭ ‬الحكم‭ ‬الشرعي‭ ‬والموقف‭ ‬الديني‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التعسف‭ ‬الذي‭ ‬يتسلح‭ ‬ببعض‭ ‬البروقراطية‭ ‬لتمكين‭ ‬الزوج‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬هي‭ ‬أصلا‭ ‬خدمات‭ ‬حكومية‭ ‬لتأمين‭ ‬حاجات‭ ‬إنسانية‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬أحد،‭ ‬وكأن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المعاناة‭ ‬أمر‭ ‬عابر‭ ‬مكرر‭ ‬ومعتاد‭ ‬ولا‭ ‬يستحق‭ ‬الإشارة‭.‬

والسؤال‭ ‬نفسه‭ ‬ينسحب‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬الصحف‭ ‬وعلى‭ ‬الإعلام‭.. ‬ألم‭ ‬يحن‭ ‬الوقت‭ ‬بعد‭ ‬لإعداد‭ ‬تحقيقات‭ ‬وبرامج‭ ‬رصينة‭ ‬تتناول‭ ‬قضايا‭ ‬المحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬وشؤون‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬المحاكم،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المادة‭ ‬لذلك‭ ‬متاحة،‭ ‬والمعاناة‭ ‬مستمرة،‭ ‬والثغرات‭ ‬التشريعية‭ ‬واضحة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬التقصي‭ ‬حولها‭ ‬ودراستها‭.‬

وفي‭ ‬الختام‭ ‬فإن‭ ‬قضية‭ ‬“الزوجة‭ ‬المتضررة”‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬غيض‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬فيض‭ ‬كبير‭ ‬تشهده‭ ‬أروقة‭ ‬المحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬ومعاناة‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬البحرينية‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬اليد‭ ‬التي‭ ‬تقرع‭ ‬جرس‭ ‬الحقيقة‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬من‭ ‬تعسف‭ ‬ضحيته‭ ‬الزوجة‭ ‬بسبب‭ ‬فجوات‭ ‬إما‭ ‬تشريعية‭ ‬أو‭ ‬إجرائية‭.‬