في حركاتٍ تكاد تكون أقرب إلى المسرحية الدرامية وبصوت عالٍ غير مبرّر أخذ المحاضر يردّد مخاطبًا الحضور: هل تعرفون أو سمعتم عن هنري فورد ذلك الاقتصادي والإداري، بل القائد الإداري المتميّز والمتمرّس؟ أنا على يقين بأن بعضكم على معرفة بذلك. وتابع وبذات نبرة الصوت العالية والحركات التمثيلية: سأعرض أمامكم مقولة نادرة ومهمة لهذه الشخصية غير العادية وهي نِتاج خبرة حياتية ومهنية.
يقول فورد ‘‘أي شخص يتوقّف عن التعلم هو شخص عجوز سواء أكان هذا الإنسان في العشرين من عُمره أم في الثمانين، وأي شخص مستمر في التعلم يبقى شابًّا مهما بلغ من العُمر، فإن أعظم شيء في الحياة هو أن تظل عقولنا شابة’’. وتوقّف المحاضر للحظات ليرى تأثير ما قاله على الحضور. ثم تابع: أنا شديد الإيمان بهذه المقولة وهي المبدأ الذي لا أحيد عنه أبدًا. من عمل معي يعرف هذه الحقيقة عني، فأنا لا أتردّد أبدًا في حضور المنتديات والفعاليات التدريبية، فهي الوسيلة لمواكبة التطورات والمتغيرات في مجال العمل وهذا واجب مهني.
كان أحدهم يتابع ذلك المحاضر باهتمام غير عادي والابتسامة لا تفارقه، الأمر الذي جعل زميله الجالس بجانبه يسأله عن سر تلك الابتسامة، فأجابه صاحبنا قائلًا: ستعرف ذلك عندما أقابل المحاضر خلال الاستراحة.
بحث صاحبنا عن المحاضر فوجده جالسًا مع عدد من المشاركين، اصطحب زميله وذهبا إلى حيث كان. قال صاحبنا مخاطبًا إياه: هل تذكرني؟ كنت أعمل تحت إمرتك الإدارية! أجابه المحاضر: نعم أذكرك، أنت المسؤول عن التدريب في المؤسسة وأحد الكفاءات المميزة في مجال التدريب. التفت صاحبنا إلى الحاضرين قائلًا: الأستاذ المحاضر من المهتمين بالتحدث عن التدريب والتعلم. كنت أرسل له معلومات عن المؤتمرات والفعاليات التدريبية في مجال مهامه باستمرار. أذكر أنه وافق في إحدى المرات على حضور إحدى تلك الفعاليات وكان ذلك بأمر من الرئيس التنفيذي!
يقول آرثر جوردون في هذا السياق ‘‘ليس هناك أسهل من الكلمات وليس أصعب من معايشتها يومًا بعد يوم’’، ما رأيك سيدي القارئ؟