نحن أمام مشهدين متناقضين في خليج واحد؛ المشهد الأول دولة وقورة لا تمل من مد اليد للجار، ولا تقطع أيادي الرزق، وتراهن على العقل والضمير والحكمة. أما المشهد الآخر فهو لدولة جارة جانحة في سلوكها السياسي، وعدوانية ضد جيرانها دولاً وشعوبًا، وتراهن على المال لشراء المواقف. وجاءت النتيجة طيلة السنوات الماضية باكتساب البحرين تقديرًا دوليًّا واحترامًا متصاعدًا، بمجالات عديدة، فيما منيت قطر بخسارات عديدة خصوصًا أمام المحافل الإقليمية والدولية.

حظيت البحرين بالتوقير دون أن تنفق دينارًا واحدًا، وعلى النقيض أهدرت حكومة الدوحة أموال القطريين في تمويل الإرهاب وزرع المفخخات الإعلامية وشراء الذمم ورعاية الدكاكين الحقوقية التي تطلق على نفسها مسمى المنظمات.

وعلى الرغم من ذلك كله، فإنها أخفقت في تحسين صورتها أمام العالم أو تشويه صورة جيرانها. وجاءت النتيجة معاكسة. سيل من التقارير المحايدة عن انتهاكات قطر لحقوق المرأة والعمال الأجانب وتضخم الثروات بشكل غير مشروع والتورط بشبهات غسيل الأموال ودعم الارهاب. دولة القانون والمؤسسات لا تجزع من مناقشة أي موضوع تحت قبة البرلمان أو بالصحافة أو التلفزيون أو بوسائل التواصل الاجتماعي أو بمنظماتها المدنية، بينما النظام الصحراوي يقول ما لا يفعل، ونكث بتفعيل دستوره، ولا ترمي بندقيته الإعلامية (قناة الجزيرة) حاملها، ومصير الرأي الآخر في العتمة خلف القضبان.

سلكت المنامة مسار العدالة، واختارت الدوحة -كعادتها- التشويش والضوضاء الإعلامية، وإيقاظ الفتنة النائمة، عبر بندقيتها الإعلامية غير المهنية، بإغراء محازبي التنظيمات المحظورة، واحتضان الشخصيات المنبوذة، والترويج للآراء الذميمة، حتى أصبحت دوحة للمرتزقة. أمام الدوحة فرصة أخيرة بقمة الرياض في يناير المقبل. وعليها أن تغتنم الفرص؛ لأنها تمر مر السحاب.