+A
A-

أطروحة ماجستير توصي باستحداث نيابة إدارية مثل السعودية ومصر

أوصت أطروحة ماجستير باستحداث نيابة إدارية في البحرين على غرار الموجودة في السعودية ومصر.

وقالت الباحثة بأن انشاء هذه النيابة يساهم في القضاء على نسبة كبيرة من عيوب الجهاز الإداري.

وأجريت في جامعة العلوم التطبيقية وعبر تقنية الاتصال المرئي مناقشة رسالة الماجستير المعنونة بــ "القواعد الاجرائية للتحقيق الاداري في مملكة البحرين- دراسة مقارنة"، للطالبة هدى كاظم أحمد كاظم.

 تشكلت لجنة المناقشة من الدكتور رمزي هيلات رئيساً وممتحناً داخلياً، والدكتور أيمن حموري مشرفاً، والدكتور أبو بكر مرشد الزهيري ممتحناً خارجياً.

وهدفت الرسالة إلى التعمق في دراسة القواعد الاجرائية للتحقيق الاداري في ظل قانون الخدمة المدنية البحريني، ومعرفة أهم هذه القواعد وطريقة تنظيمها، ومدى موافقتها لما هو مستقر  عليه في الدول موضوع المقارنة .
وخلصت اللجنة إلى قبول الرسالة كأحد متطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون وبتقدير امتياز.

الاستنتاجات
انتهت الدراسة إلى عدد من النتائج حول القواعد الإجرائية للتحقيق الإداري يمكن عرضها على الوجه التالي:

الأولى: أن تعريف الموظف يثير إشكاليةً من جهة تحديد العناصر الأساسية التي يجب أن تتوفر في الموظف، وأن التشريعات لم تعطِ تعريفاً محدداً للموظف العام، وإنما اكتفت بتحديد الأشخاص الذين تسري عليهم أحكام تلك التشريعات.

الثانية: تبين من خلال الدراسة أن إحالة الموظف إلى التحقيق هو إجراء أولي يمهد لمرحلة أخرى ( مجرد إجراء تمهيدي)، ورغم ذلك فإنه قد يرتب سلسلة من النتائج بالغة الخطورة على الحياة الوظيفية للموظف، لذلك ينبغي اتخاذ جانب الحرص عند الإحالة إلى التحقيق بحيث ينبغي ألا يكون التحقيق قائماً على شبهة أو مبنياً على كيد أو نكاية، كما ينبغي عدم التهاون في الإحالة إلى التحقيق، إذ إن ذلك يؤدي إلى التسيب في الإدارة داخل مؤسسات الدولة ومرافقها العامة.

الثالثة: يعد التحقيق الإداري أداة قانونية مهمة، إذ إنه يمكن الإدارة من الوصول إلى حقيقة الوقائع المنسوبة إلى الموظف، كما يمنح التحقيق التأديبي الموظف حرية واسعة في الدفاع عن نفسه، مع إحاطته بالعديد من الضمانات التي تمكنه من ذلك، وتكفل له عدالة المساءلة التأديبية.     

الرابعة: تبين من خلال الدراسة، أن غاية التحقيق الإداري هو التأكد من أن الموظف المتهم قد ارتكب إحدى المخالفات الوظيفية التي تحكمها القوانين والأنظمة والتعليمات المنظمة لشؤون الخدمة العامة، وذلك من خلال التحقيق من أن المخالفة قد صدرت من الموظف فعلاً، وأن مسلكه هذا مخالف لأحكام قوانين الوظيفة العامة، ومن ثم بيان الأثر السلبي الذي لحق بالإدارة سواء من الناحية المالية أو التنظيمية، وتقديم التوصيات للسلطة المختصة بشأن الموظف المتهم ومخالفته تلك، بهدف حماية المصلحة العامة.

الخامسة: تبين من خلال الدراسة أن للتحقيق الإداري أهمية بالغة في مختلف النظم – الرئاسية منها وشبه القضائية والقضائية – ويحتل في مملكة البحرين أهمية كبيرة، وذلك لأنه المستوى الوحيد لفرض الجزاء على الموظف سواء أجرى التحقيق موظف مختص أو لجنة التحقيق.

السادسة: يتبع القانون البحريني في مجال التحقيق مع الموظف – النظام الرئاسي – فالرئيس الإداري يجمع بيديه سلطتي الاتهام وفض الجزاء سواء أجري التحقيق بوساطة موظف مختص أو لجنة تحقيق ، كما يأخذ بالنظام شبه القضائي عند توقيع عقوبة الفصل من الخدمة، حيث يقيد السلطة الرئاسية بعرض الأمر على مجلس التأديب، وذلك لتوفير ضمانات أكثر للموظف حتى يكون بمنأى عن تعسف أو انحراف السلطة الرئاسية.

السابعة: أكدت الدراسة، أنه لكي يتم اتخاذ إجراءات التحقيق بحق الموظف لابد وأن يتهم بارتكاب فعل من الأفعال التي أوجب القانون على الموظف الالتزام بها أثناء تأدية الوظيفة العامة أو تلك التي يحظر عليه ممارستها.

الثامنة: استنتجت الدراسة أن الأصل في التشريع البحريني أن يتم الإحالة إلى التحقيق من السلطة المختصة، ويتم مباشرة إجراءات التحقيق معه بمعرفة لجنة مشكلة لهذا الغرض، كما أجاز قانون الخدمة المدنية أن يتولى ديوان الخدمة المدنية مباشرة التحقيق عند الاقتضاء.

التاسعة: الأصل أن يجرى التحقيق الإداري في مملكة البحرين كتابة ما عدا الحالة التي أجاز فيها المشرع أن يجرى شفاهة. فالتحقيق قد يكون كتابة أو شفوياً، فهو يجرى على نطاق واسع بوساطة الرئيس الإداري (الوزير أو رئيس الهيئة أو المؤسسة أو الجهة الحكومية) كما يقوم به رئيس مجلس الوزراء بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا، وذلك في المخالفات البسيطة والتي تستوجب توقيع جزاء التنبيه الشفوي أو الإنذار الشفوي أو الكتابي، حيث قرر قانون الخدمة المدنية أن السلطة المختصة عند ارتكاب مخالفة من المخالفات التي توجب توقيع أحد الجزاءات المذكورة لها يجوز أن يكون التحقيق شفاهة بشرط يثبت مضمونه في القرار الصادر بتوقيع الجزاء.

العاشرة: الأصل أن التحقيق في مملكة البحرين يتم بوساطة لجنة تحقيق يتم تشكيلها من الجهة الإدارية، وبالنسبة لشاغلي الوظائف العليا يكون تشكيلها وفق قرار رئيس مجلس الوزراء، وقد يتم استثناء بوساطة موظف مختص يتمتع بالخبرة والكفاءة والنزاهة والحيدة وألا يقل مستواه الوظيفي عن الموظف المخالف، وذلك في المخالفات البسيطة والتي تستوجب توقيع جزاء التنبيه الشفوي أو الإنذار الشفوي أو الكتابي.

الحادية عشرة: تبين من خلال الدراسة أن لجنة التحقيق هي المبرر القانوني الشكلي لتوقيع العقوبة التأديبية على الموظف، على الرغم من أن هذه اللجنة تشكل بأوامر إدارية من السلطات الرئاسية التي يكون لها حق إصدار القرار في الموضوع في نهاية الأمر، وأن إصدار القرار الإداري بإحالة الموظف إلى لجنة التحقيق يصدر إما من قبل السلطة المختصة (الوزير أو رئيس المصلحة) أو رئيس مجلس الوزراء بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا.

الثانية عشرة: وإذا ما أحيل الموظف للتحقيق الإداري من سلطة غير مختصة بإحالته إليه بالأصالة أو التفويض فإن هذا يؤدي إلى بطلان التحقيق، وينسحب هذا البطلان إلى القرار الصادر بتوقيع العقوبة كنتيجة لذلك التحقيق.

الثالثة عشر: نظراً للأهمية الكبيرة التي تمثلها لجنة التحقيق ودورها البالغ في مجال الوظيفة العامة، فقد اهتم التشريع الوظيفي البحريني الصادر بالمرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية، بمسألة التنظيم القانوني لعمل لجنة التحقيق وكيفية تشكيلها وبيان اختصاصها. وأن تشكيل لجنة التحقيق يتم وفقاً لما نصت عليه المادة 36 / أولاً من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية البحريني، وهو أمر وجوبي ولا يمكن تجاوزه إلا بالاستثناء الوارد المتعلق بالجزاءات التنبيه الشفوي أو الإنذار الكتابي، لأنه يعتبر من الشكليات المتعلقة بالنظام العام وبتخلفها تصبح إجراءات اللجنة والقرار الذي بني على توصياتها باطلاً.

الرابعة عشر: تبين أنه وبهدف ضمان الحياد وبث الطمأنينة لدى الموظف المتهم، يجب ألا يكون أي من أعضاء لجنة التحقيق له سلطة فرض العقوبة على الموظف، أي لا يجوز الجمع بين سلطة الاتهام والحكم.

الخامسة عشر: اتضح أن على لجنة التحقيق في ختام أعمالها أن تقوم برفع توصياتها إلى الإدارة المختصة والتي لا تخرج عن إحدى هذه الحالات:

أ - التوصية بعدم مساءلة الموظف وغلق التحقيق بحقه بعد أن ثبت من الأدلة المقدمة أن الموظف المحال عليها لم يرتكب الفعل المسند إليه.

ب- التوصية بفرض إحدى العقوبات المنصوص عليها في القانون بعد أن تجد أن الأدلة كافية لمساءلة الموظف.

جـ - التوصية بإحالة الموظف إلى المحاكم المختصة إذا رأت أن فعل الموظف المحال عليها يشكل جريمة نشأت عن وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية.

السادسة عشر: فيما يتعلق بالتكييف القانوني لتوصيات لجنة التحقيق، تبين من خلال الدراسة أن المشرع البحريني لم يضفِ على عمل اللجنة قيمة قانونية كبيرة ، حيث اعتبرت النتائج التي تتوصل إليها اللجنة، مجرد توصيات ترفع إلى السلطات الرئاسية التي تملك السلطة التقديرية الكاملة في الأخذ بها أو عدم الأخذ بها، على اعتبار أنها لا تعدو أن تكون مجرد توصيات تقدمها اللجنة إلى الرئيس الإداري المباشر بهدف اتخاذ اللازم بشأنها، وقد نظمته المادة 36/ أولاً/9 بأن تصدر السلطة المختصة قرار التصرف في التحقيق مسبباً بأحد أمرين إما إعادة المحضر للجنة مرة أخرى إذا رأت تشديد الجزاء، وإما تأييد أو إلغاء أو تعديل توصيات اللجنة.

السابعة عشر: تبين أن المحضر الكتابي جوهري في عمل لجنة التحقيق من ناحية أن التحقيق الإداري الموثق تحريراً يساعد في تمكين الموظف من تسجيل كل ما يتعلق بموقفه من المخالفات المنسوبة إليه، حتى يكون تحت تصرف الإدارة لتقدير نوع العقوبة التي سيتم فرضها على الموظف المخالف، كما أنه يضمن عدم ضياع معالم التحقيق والظروف والملابسات التي جرى في ظلها.

الثامنة عشر: تبين من الدراسة أن على لجنة التحقيق أن تواجه الموظف المحال إليها بحقيقة المخالفة المسندة إليه وإحاطته علماً بمختلف الأدلة التي تشير إلى ارتكابه المخالفة، وتحديد أبعاد الاتهام الموجه إليه من حيث الأشخاص والأفعال وسائر العناصر الأخرى المحددة للمخالفة الوظيفية، وذلك مراعاة لمبدأ المواجهة التي تعد من المبادئ المستقرة في النظام القانوني باعتباره من أولى الضمانات الواجب الاعتراف بها للموظف المحال على التحقيق.

التاسعة عشر: تبين من خلال نص المادة 37 / 8 (إجراءات لجنة التحقيق) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية البحريني النافذ والتي جاءت اتساقا مع مبادئ العدالة، أن للموظف المحال على لجنة التحقيق، حق الاستعانة بمن يراه في سبيل الدفاع عن نفسه، ومن ثم يكون له الاستعانة بمحام ولو لم تنص عليه التشريعات الإدارية صراحة، ويتعين على الجهات الإدارية التي تتولى التحقيق مع الموظف السماح له ولوكيله من الحضور أمامها بل وتهيئة المناخ الملائم له للدفاع عن موكله بأحسن صورة.

العشرون: تبين من سياق الدراسة أن بإمكان السلطة المختصة في بعض المخالفات التي لا تتصف بالجسامة ألا تحيل الموظف إلى لجنة التحقيق، بل تقوم باستجوابه بنفسها مباشرة وتسمع أقواله بشأن التهمة المسندة إليه، ومن ثم تقرر فرض إحدى العقوبات المشار إليها بحقه إذا ثبت لديها أنه أخل بواجباته الوظيفية، وهذا يعد استثناءً من القاعدة العامة والتي لا يجوز التوسع فيها.

الحادية والعشرون: تبين من الدراسة أن أحكام القضاء الإداري استقرت على بطلان الجزاءات التي تفرض على الموظف وما يترتب عليها من إجراءات، إذا لم يسبق فرض العقوبة تشكيل لجنة تحقيق تتولى مباشرة التحقيقات في المخالفة التي ارتكبها الموظف وسماع أقواله ودفاعه فيما هو منسوب إليه، وفي ذلك ضمانة للموظف في مواجهة تعسف الإدارة.

التوصيات المقترحة
أولاً: أقترح على المشرع البحريني، سن قانون إجرائي يتضمن قواعد وضوابط التحقيق الإداري مع الموظف المتهم بارتكاب مخالفات وظيفية، وذلك لعدم وجود معالجة تشريعية خاصة في هذا المجال.


ثانياً: إنشاء نيابة إدارية في البحرين على غرار النظامين المصري والسعودي، بما يساهم في القضاء على نسبة كبيرة من عيوب الجهاز الإداري. كما أن خلق جهاز متخصص في التحقيق في المخالفات الجسيمة والمخالفات المالية، وكذلك التحقيق مع شاغلي الوظائف العليا مما يخفف عبء إجراءات التحقيق من على عاتق السلطة المختصة حتى تتفرغ لأعمالها الإدارية، والحد من السلطات الواسعة التي تتمتع بها السلطة الرئاسية في مجال التأديب من جانب آخر.

بالإضافة إلى أن إنشاء النيابة الإدارية سيضفي على التحقيق الإداري الطابع القضائي، ووجود جهاز متخصص يباشر أعمال التحقيق في المخالفات التأديبية بمنأى عن السلطة الإدارية يعالج الكثير من السلبيات التي تشوب التحقيقات الإدارية.


ثالثاً: نهيب بالجهات ذات العلاقة من الوزارات الحكومية والمنظمات الحقوقية العاملة ضمن مؤسسات المجتمع المدني العمل على طبع ونشر مطبوعات ومنشورات ثقافية تهدف إلى بيان حقوق الموظف عند إحالته إلى لجنة التحقيق، للتحقيق معه في مخالفة تأديبية حدثت أثناء الوظيفة أو بسببها، وذلك على شكل لائحة الحقوق والواجبات للموظفين العاملين في الجهات الحكومية.


رابعاً: نهيب بالجهات ذات العلاقة في نشر الوعي القانوني لدى موظفي الوزارات والجهات الحكومية خاصة فيما يتعلق بأصول التحقيق الإداري في المخالفات الوظيفية واشتراط حضور المحامي مع الموظف أثناء إجراء التحقيق معه والعمل بشفافية بقصد إعلام الموظف المتهم بمجريات التحقيق ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وبما يكفل تحقيق المصلحة العامة وسيادة حكم القانون.


خامساً: فتح دورات تدريبية لتأهيل موظفي الجهات الإدارية بهدف مواكبة التغيرات والمستجدات الحاصلة على حقوق وواجبات الموظفين بموجب القوانين والأنظمة والتعليمات النافذة وبيان الجزاء المترتب على مخالفتها وعدم التقيد بها.


سادساً: هنالك العديد من الخطوات التي يتعين على المشرع البحريني والسلطة الإدارية القيام بها، من أجل النهوض بمستوى المحقق الإداري والتي يكمن بعضها في الآتي:


أ) حين اختيار المحقق الإداري، يتم استقطاب العناصر المؤهلة لتولي هذه المهمة.


   ب) الاهتمام بتدريب المحقق، وتأهيله وتنمية وتطوير قدراته في مجال التحقيق.


ج) العمل على كفالة سلطات المحقق، وتوازنها مع ضمانات المتهم.


د) العمل على زيادة الحوافز الممنوحة للمحقق الإداري، وتقديم الدعم المادي والمعنوي له.