استشاريون لـ “البلاد”: رجل البحرين وقائد مسيرة تطوير الرعاية الصحية
الراحل سخر نفسه من أجل شعبه ورفعته
مازال استشاريون وأطباء من مختلف مواقع المنظومة الصحية في البحرين يتواصلون مع “البلاد”، وهم ينعون رحيل فقيد البحرين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليقة (رحمه الله)، معربين عن حزنهم وأسفهم الكبيرين لفقدان سموه الكريم.
مآثره حية تشهد له بالإخلاص في حب الوطن
يقول استشاري أمراض العيون وجراحة الشبكية، محمد ناصر، في صباح الحادي عشر من نوفمبر الجاري فجعت البحرين وجوارها الخليجي والعربي بخبر وفاة الأمير خليفة بن سلمان (طيب الله ثراه)، عماد نهضة البحرين الحديثة.
وأضاف “في ساعات معدودة اتشحت المنطقة بلون الحداد، وانطلقت الأصوات بالدعاء له بالرحمة والمغفرة، وإن وفاة سمو الأمير حدث يستحق وقفة تأمل ولأن كلمة تقال أو صفحة تكتب لن تكفي لحصر إنجازات الراحل، فإني أكتفي بذكر بعض تلك الإنجازات التي عايشتها وكنت شاهدا على ما وفرته من نفع وفائدة للمواطنين والمقيمين والتي لا تزال حسناتها قائمة تشهد للراحل بما كان له من بعد نظر واهتمام حثيث بهموم جميع فئات الشعب.
ويضيف: عرف عن الأمير الراحل اهتمامه البالغ بالقطاعات الخدمية وعلى رأسها القطاع الذي شرفت بالعمل به وهو قطاع الصحة. فبدءا من تخصيص الميزانيات المطلوبة لتقديم أحدث وأكفأ الخدمات ومرورا بدعم القطاع الصحي بتوفير الكفاءات المطلوبة من خارج البحرين عبر برنامج (الطبيب الزائر) الذي وفر للمرضى استشارات طبية في تخصصات دقيقة تفتقر بعض أقسام مستشفيات القطاع العام لها كما وفر إجراء عمليات جراحية متخصصة بواسطة استشاريين بخبرات مرموقة في مجالاتهم وفرت على المواطنين أعباء السفر والإقامة بالإضافة إلى توفير التدريب والتطوير للقطاع الطبي الوطني عبر الاحتكاك المباشر بين أطباء البحرين وأطباء الخارج.
وتابعت “حظي هذا البرنامج بدعم كامل من مجلس الوزراء عبر إطلاقه بدءا ومرورا بالاستمرار في استقدام الأطباء بشكل دوري، وتوج سموه فيض عطائه على القطاع الطبي بتدشين جائزة الطبيب البحريني التي أسست لبروتوكول تكريمي يتسابق كل طبيب لنيل شرف الحصول عليه عبر الأبحاث الطبية والعطاء المتواصل.
ويستكمل، لعلنا لن نجافي الصواب إن قلنا إن مآثر الأمير الراحل ستبقى حية تشهد له بالإخلاص في حب الوطن و المواطن، وإن عزاءنا الوحيد في فقدان سموه (طيب الله ثراه) هو ذلك الإرث الغني بالنفع والفائدة والذي شمل كل بيت و كل ساكن لأرض البحرين في مختلف المجالات. لقد حق للبحرين أن تبكي حزنا لرحيل أحد أعمدتها العظام ولقد حق لنا جميعا أن نفتخر بما أسهم فيه وقدمه سموه في مختلف المجالات الإنسانية والعالمية و ما حصده من أوسمه تقديرية و جوائز رفيعة المستوى”.
كل الكلام لا يقوى على التعبير
بحزن عميق لفراق الأمير الراحل، تقول استشارية الأمراض الجلدية والليزر هالة عبدالوهاب، كل الكلام قد لا يقوى على التعبير عن الحزن الذي يعصر أرواحنا وقلوبنا برحيل الأب القائد، والأمير الكريم، الذي ظل يقدم للبحرين ومن أجل البحرين كل ما يستطيع، وكل ما سهم في تطور وارتقاء المواطن البحريني في مختلف مواقعه، فلقد كان سموه رجل سخر نفسه من أجل شعبه ورفعته وعلى مختلف الصعد والمجالات، وفي مختلف المحافل المحاية والدولية والإقليمية، وتضيف لقد غابت شمس البحرين التي كانت نبراسا تنيرها في سماء العالم، واختفت ابتسامة كانت تملأ مملكتنا حبا وكرما.
فاضت روحه الطاهرة لخالقها وبقيت ذكراه مخلدة في ذكرى وطنه الذي بناه وشعبه الذي أكرمه وقلب كل شخص أغرقه بتواضعه، ولا ننسى ونحن نلتقي سموه وهو يسألنا:
“أنت ولد من؟” و “أنتِ بنت من؟” أسئلة عرفت بها يا بوعلي، سنفتقدها...وسنشتاق لها، فأنت والد الجميع والقلب الكبير والعقل الحليم... وأنت علم البحرين الذي سيبقى خفاقا عاليا راقيا شامخا في تاريخ بلدك الذي أحببته وأكرمته ورفعت شأنه. خليفة بن سلمان نبراس وطن.
الداعم الأول للرعاية الصحية
وينعى استشاري أول الغدد الصماء والسكري وئام حسين، بحزن وأسى كبيرين رحيل القائد والملهم، معربا عن الحزن الكبير الذي لف البحرين برحيله وفقدانه، مؤكدا أن المنظومة الطبية البحرينية خسرت من كان أول الداعمين لتطورها ورقيها.
وأضاف: ولذلك نحن الأطباء خسرنا داعمنا الاول، ومن كان يعمل ويخطط ويطرح المبادرات من أجل الكوادر الطبية، كان سموه يحتضننا ويرعى مؤتمراتنا ويدعمها، وإن كانت تتوالى يوما بعد يوم، وبدون كلل أول ملل، بل كان يصر على لقائنا والاجتماع بنا بعد المؤتمر، حتى أصبحت البحرين وبدعمه مقرا ومقصدا للعديد من المؤتمرات العالمية، واستقطب اهتمام سموه بالرعاية الطبية وتطويرها الشركات الطبية والدوائية العالمية للقدوم لمملكة البحرين والاستقرار بها والعمل منها لبقية العالم، فكان دوره محوريا وفاعلا في تطوير الرعابة والخدمة العلاجية بالبحرين، وذلك الاهتمام والعمل والدعم من سموه هو ثمرة ما نعيشه من تطور في الخدمات الصحية اليوم.
ويضيف: “لقد رحلت عن دنيانا، ولكنك ستبقى خالدا في قلوبنا جميعا، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وليس لنا إلا التسليم بقضاء الله وقدره وبإيمان عميق نسلم بأمر الله ونقول: “يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي راضية مرضية”.
بصمة واضحة
وقالت المتخصصة في الصحة المدرسية فاتن حساني، إن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة (رحمه الله) كان رمز البحرين وقائدها وراعي نهضتها، حيث ترك بصمته الواضحة في تنمية الكوادر الطبية والتمريضية البحرينية وتأهيلها تعليما وتدريبا وفق أحدث الأساليب العالمية تقديرا وإيمانا بأهمية الدور الذي يقدمه التمريض في القطاعات الصحية، فقد وجه سموه إلى أهمية الاستثمار في التمريض وإنشاء كلية العلوم الصحية العام 1976 والتي قامت بتطوير برامجها وإمكاناتها لمواكبة التطور وتلبية لزيادة الطلب على قطاع الرعاية الصحية وإسهاما منها في توطين المهن الصحية ومن ثم دعم الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا - جامعة البحرين الطبية، لتخريج الممرضين لحمل مسؤولية للارتقاء بمملكة البحرين وتنميتها، صحيا، ثقافيًا واجتماعيًا، هو يضع نصب عينيه العمل على تحقيق الطموحات سريعا ودون توقف، حتى تتحقق تطلعات وآمال الشعب البحريني ، وقد شهدت البلاد بتوجيهات ومتابعة سموه إنجازات كبيرة في المجالات الصحية، حيث كان للبحرين السبق دائما في الإبداع، والإنجاز والتميز وما كان ذلك ليتحقق لولا الرؤيا السديدة من الحكومة الرشيدة في رسم السياسة الواضحة النهج في تطوير ورعاية الكوادر التمريضية، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من ازدهار وتقدم.