العدد 4411
الأربعاء 11 نوفمبر 2020
banner
التفاخر بطباعة النتاج الفكري باللغة الإنجليزية
الأربعاء 11 نوفمبر 2020

رغم دراسة ابنتي فجر اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة البحرين، إلا أنها حريصة على مطالعة كنوز الأدب العربي، إذ إن اهتمامها الشديد بالروايات أكثر من غيرها من الأشكال الأدبية، وهناك الكثير ممن يعتزون بلغتهم العربية ويتفاخرون بها لأنها عماد هويتنا، لكنني لاحظت عددا من أصحاب المواهب في ميادين العلم المختلفة يتفاخرون بطباعة نتاجهم الفكري والأدبي “قصة، رواية، شعر، وغيرها” باللغة الإنجليزية، والأدهى من ذلك أنهم يتعاملون مع الآخرين بعادات وتصرفات لا تمت لمجتمعنا بصلة متجاهلين واجب الكاتب الأصيل.

نعم.. كان لآبائنا باع طويل في تقدم العلوم، بل إلى العرب يرجع فضل إنقاذ علوم الطبيعة عندما كانوا حماة لها من جهل أهل أوروبا في العصور الوسطى، ومن من أهل الغرب ينكر في ميادين العلم المختلفة جولات ابن سينا وأبي بكر الرازي والخوارزمي وابن الهيثم، وغير هؤلاء ممن شغلوا أنفسهم بالعلم وأحرزوا فيه تقدما ملحوظا، وقد أخذ الغربيون هذا التراث الضخم وأضافوا إليه حتى بلغ مبلغه اليوم، هذا كله تراث إنساني لا وطن له ولا لون، لنا فيه نصيب ولغيرنا فيه نصيب، نأخذ فيه ونعطي في تواضع العلماء وشمم الأقوياء.

أما العادات والتقاليد وما يتدرج معها من كل ما هو اجتماعي أو خلقي فلنا فيها طريقتنا الخاصة التي تميزنا عن غيرنا من الأمم والشعوب، لا نأخذها من شرق ولا من شمال ولا من جنوب، لأنها ليست واحدة في كل مكان كقوانين العلم، ولا إنسانية عامة كالمعرفة، لكنها محلية خالصة تختلف فيها الشعوب، فلكل شعب طريقة خاصة نشأت معه وتطورت في سياق العملية التاريخية التي اجتازتها، ونحن في البحرين نتمسك بنظمنا وتقاليدنا وعاداتنا وعقائدنا ولغتنا لأنها هي التي تناسب طبائعنا وبيئتنا وأحوالنا، ولأنها من صنع أيدينا ولأنها تميزنا عن غيرنا لا يشاركنا فيها أحد، ولأننا لا نستطيع أن نتقمص طريقة حياة أجنبية عنا.

إن النظر الفلسفي يقتضي أن يتخذ الموهوب بداية يعتمد عليها ويبدأ منها، وهي لغته الأم لا لغة أخرى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .