من حق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يعطي أعلى وسام شرف لمدرس التاريخ “صامويل باتي” الذي قطع رأسه خارج مدرسته في باريس على يد شاب “متطرف فكرًا وسلوكًا” من أصول شيشانية ظن أنه بهذا العمل ينتقم ويغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قام هذا المدرس بعرض رسوم كاريكاتورية للنبي محمد، كما أن من حق الحكومة الفرنسية ما اتخذته من إجراءات في التعامل مع هذا الحادث طالما تتفق مع القانون وحقوق الإنسان.
لكن أليس من الواجب أيضًا أن يكون ذلك نهجًا ثابتًا ومقياسًا واحدًا في التعامل مع كل الحالات المشابهة، وألا يتم التغاضي أو التقليل من حوادث العنف التي تستهدف المسلمين حتى لا تكون رسالة بأن أرواحهم وحياتهم أرخص كثيرًا من غيرهم، فيفتح الباب على مصراعيه أمام إيذائهم، كما وقع حادث طعن امرأتين عربيتين محجبتين على يد امرأتين فرنسيتين وتحت برج إيفل في العاصمة باريس، في هجوم عنصري بغيض كشفت عنه بكل قبح صرخة المعتديتين، أثناء محاولتهما قتل السيدتين بقولهما: “ارجعي لبلدك يا عربية يا قذرة”.
هذا التناقض في التعامل والازدواجية في التعاطي مع الحوادث الإرهابية دفع الأزهر الشريف لإصدار بيان لم يكتف فيه بإدانة حادث الطعن، إنما كان بمثابة صرخة واضحة وتحذير شديد من الازدواجية في التعامل مع الحوادث الإرهابية طبقا لديانة الجاني كأمر مخز ومعيب يخلق جوا من الاحتقان بين أتباع الديانات، ويزيد من تداعيات الإرهاب، والإرهاب المضاد بين أصحاب العقائد المختلفة.
ليتنا شهدنا حملات استنكار وإدانة ورفض من قبل المؤسسات الرسمية الفرنسية والأوروبية أو استياءً شعبيًا من حادث الطعن أو تعاطفًا مع الضحيتين كما يحدث دائمًا في حوادث العنف التي يتهم فيها المسلمون وتستهدف غير المسلمين، وليتنا سمعنا عن دعوات من هنا أو هناك لتجديد الخطاب الديني لأتباع الديانات الأخرى، لكننا في كل مرة لا نجد أنفسنا إلا أمام جناة من المختلين عقليًا أو المرضى نفسيًا أو أمام حالات فردية لا تمثل ظاهرة عامة وربما يتم خلق المبررات الكافية أو المخارج القانونية لها!.