العدد 4374
الإثنين 05 أكتوبر 2020
banner
لقطة الموسم
الإثنين 05 أكتوبر 2020

تأثرت بشدة عندما وقعت عيناي للحظات سريعة جدا على حكم مساعد بإحدى مباريات كرة القدم المصرية وهو يتمتم بكلمات أو يرفع دعوات في خشوع كبير إلى الله تعالى وكأنه بامتحان صعب يتمنى اجتيازه أو أزمة يرجو الله أن ينجو منها، وفهمت أن الأمر هو أنه قام بالإشارة لحكم الساحة بإلغاء هدف كان قد سجله فريق في مرمى المنافس وذلك بداعي التسلل، وكانت تلك اللحظات الصعبة هي انتظار قرار “الفار”، الذي بمجرد أن صدق على صحة قرار إلغاء الهدف، فإذا بالحكم المساعد تنفرج أساريره ويطير فرحًا ويقوم بتقبيل يده حمدًا وشكرا لله على سلامة قراره.

اختزلت هذه اللقطة التي وصفها الإعلام الرياضي بلقطة الموسم كم الضغوط الهائلة على الحكام، والانتقادات والاتهامات التي تكال ضدهم لمجرد اعتقاد اللاعبين بوقوع هؤلاء في أخطاء “كارثية” ويتم الحكم على بعض الحكام بالانحياز والانتماء لفريق دون آخر وتعمد نصرة فريق على آخر بعدم العدالة في اتخاذ القرارات، رغم أنه في كثير من الأحيان تكون القرارات صحيحة أو أنها أخطاء غير مؤثرة في سير المباراة ونتيجتها أو أنها لا تحمل قصدًا وتعمدًا وواردة الحدوث، ورغم أخطاء اللاعبين أنفسهم التي قد تكون أكثر بكثير من الحكام وتحمل تقصيرًا واضحًا منهم.

وإذا خرجنا من هذه الدائرة الرياضية ضيقة المساحة إلى الحياة العامة، فإن هذه الدقائق المعدودة توضح كم تكون قسوتنا في الحكم على بعض الأشخاص بسبب اختيارنا تفسيرا معينا للأحداث دون أن نسمح بمناقشة تفسيرات أخرى أو النظر بالجوانب الأخرى للأحداث، فالبعض منا قد يتسرع في اتخاذ القرار دون أن يتروى أو يضع نفسه محل الشخص الآخر أو يلتمس له الأعذار. نحن إزاء حالة من استسهال اتهام الآخرين لمجرد وقوع بعض الأحداث التي لا تتفق مع رغباتنا ولا تحقق سعادتنا، وحالة من التركيز على إلقاء اللوم على الآخرين عندما لا تكون النتائج في صالحنا، وحالة من عدم التسامح مع الآخر، وعدم معاملته كما نحب أن يعاملنا في كل الأحوال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .