أخشى ما أخشاه أن يكون ضحايا القلق النفسي والاكتئاب الناجم عن الكم الهائل من الإحباط المبثوث في أخبار وتصريحات منظمة الصحة العالمية أضعاف ضحايا فيروس كورونا “كوفيد 19”، فما إن تحدث انفراجة وإلا ويتبعها تصريح مقلق وتعليق مخيف من المنظمة لتبدو في نظر الكثيرين وكأنها تعمل في مسار آخر يهدف لإفشال جميع بشائر الأمل وقطع بوادر التفاؤل لدى البشر من إمكانية تجاوز هذه المحنة الإنسانية غير المسبوقة.
لقد تركتنا منظمة الصحة العالمية لشهور عديدة نتابع عن كثب تحركات مضنية وجهودا متواصلة ومتسارعة لشركات عالمية ومراكز علمية لأجل إراحة الإنسانية بالتوصل للقاح يقضي على الجائحة وينهيها، وكأن صمت المنظمة على شغفنا ومباركتها جهود هذه الشركات والمراكز موافقة ضمنية منها على معتقدنا بأن “في اللقاح نجاح” المرور من تلك الكارثة، فإذا بها تعود بصدمة كبرى تفيقنا من أحلامنا بتحذيرها من أن اللقاح لن ينهي جائحة كورونا المدمرة، متساءلة باندهاش على لسان مديرها في أوروبا، هانز كلوغ مؤخرًا وبعد سكوت طويل: “أسمع طوال الوقت بأن اللقاح سيكون نهاية الوباء. بالطبع لا! إننا حتى لا نعرف إن كان هذا اللقاح سيساعد جميع الفئات السكانية وكل الحالات. ثمة إشارات حتى الآن تنفي ذلك، ماذا لو تطلب الأمر أن نبحث عن لقاحات مختلفة؟ يا له من كابوس لوجستي!”
بل يا له من “كابوس حياتي” مخيف خلقته منظمة الصحة العالمية بطرحها معادلة أخرى تجب بها المعادلة التي ترسخت في أذهاننا بأن التوصل للقاح يعني انتهاء الجائحة لتحل المعادلة الجديدة بأن نهاية الوباء في التعايش معه، وهي معادلة مخيفة وتبدو بلا نهاية، فهل المقصود بهذا التعايش هو التخلي تمامًا وإلى الأبد عن الحياة الاجتماعية برونقها المعروف والمحبب، والحياة الدينية بشعائرها وطقوسها الواضحة والمريحة، والحياة الاقتصادية بضروراتها اللازمة، والاكتفاء بقشور وهوامش لا تشبع الحد الأدنى من احتياجاتنا النفسية والاجتماعية وستوقعنا بأمراض أشد فتكًا وخطورة من فيروس كورونا؟.