العدد 4261
الأحد 14 يونيو 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
غيروا خريطة العلاج وقللوا الألم
الأحد 14 يونيو 2020

كنت قد كتبت مقالة لهذا اليوم غير هذه المقالة، لكن بآخر لحظة وفجأة غيرتُ دفة القلم! واتخذتُ مسارا آخر صب في ضرورة المصارحة بعد الآن، خصوصا بعد قراءة الأرقام المخيفة، ورؤية أسبانيا تتعافى. القول إن الاعتماد على الوعي العام، أو الوعي الشعبي، يصطدم بالأرقام المتصاعدة، لنكن صريحين ونواجه الحقيقة لأجل سلامة الجميع، لقد اتخذت موقفا قبل فترة بعدم الخوض في الحديث عن كورونا لسبب ما، وقد التزمتُ بذلك حتى اليوم حين توقفتُ وتأملتُ الوضع وقارنت بين الأرقام من حولي، وأذهلني أن دولة مثل أسبانيا التي كان فيها قبل شهرين رقم الوفيات قد فاق 800 وفاة باليوم، أصبح الرقم الآن 0 والسبب الإغلاق التام الذي اتخذته الدولة لفترة محدودة وأثبت جدواه، مثل الدواء المر الذي لابد منه لتقصير فترة المرض.

لنواجه الحقيقة ونتحدث بصوت عال ونعترف بأن الاعتماد على الوعي العام خيب ظننا، وتكفي نظرة يومية إلى الشوارع والمجمعات ومحلات الخياطة النسائية والرجالية، إلى كل مكان مفتوح أصبح وجود الناس فيه ويا للغرابة أكثر من ذي قبل، وكأن هناك تحديا بينهم وبين الوباء، من يرى ويقرأ ويسمع البعض يتحدث في وسائل التواصل الاجتماعي عن الوعي ويدعو للالتزام بالإجراءات والإرشادات يظن أن المجتمع كله مؤمن بهذا التوجيه، ثم يرى الشوارع والمجمعات والمتاجر وكل ما كان مفتوحا قبل الوباء أصبح مكان ارتياد... إذا أين المجتمع الواعي؟!

هل نريد أن نصل إلى حالة نعلن خلالها انهيار نظامنا الصحي؟ إذا لابد من إعادة النظر في موضوع الاعتماد على وعي الناس واتخاذ إجراءات مؤلمة لفترة قصيرة خير من المعاناة لفترة طويلة وهذا ما حدث لنا اليوم، فبدلا من التفاؤل بهبوط الأرقام نرى العكس والسبب ليس في ضعف النظام الصحي، بل في نظام الوعي والفتح السريع الذي لم يفهم الناس للأسف القصد منه، فاستخدموه عكس المقصود وتوجهوا بدلاً من مواجهة الوباء إلى التعايش معه وهذا خطأ فادح لا أعرف من بدأ فيه حتى لو كانت منظمة الصحة العالمية، والبرهان أن دولا مثل أسبانيا والأردن تخلصت بسرعة من الأرقام المهولة بسبب سياسة مؤلمة ولكنها سرعت النتيجة وأدى هذا الإجراء إلى الفتح التدريجي في أسبانيا بعد تحقق نتائج ذات جدوى؟

علينا أن نواجه أنفسنا بكل وضوح وصراحة، لابد من تغيير خريطة مواجهة الوباء بسرعة قبل أن يتعرض نظامنا الصحي للانهيار، وهذا يتطلب مكاشفة ومواجهة واعترافا ثم إجراء حاسما ولو لمدة قصيرة، خير من استنزاف مواردنا بالصورة الحالية، لن أدخل في تفاصيل الإجراء الذي يجب أن يُتخذ بسرعة، هذا منوط بالحكومة ولكن حان الوقت للاعتراف بضرورة هذا الإجراء أيا يكن.

 

تنويرة:

الصمت وقت الضوضاء أقوى تعبير عن الرأي!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .