+A
A-

رؤى حول واقع الثقافة العربية في قضية العامية والفُصحى

يقدِّم كتاب “الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي” للباحث والناقد الدكتور مصطفى عطية جمعة، عددًا من الرؤى حول واقع الثقافة العربية في قضية العامية والفُصحى، سعيًا إلى تجاوز المناقشة التقليدية المتعلقة بالألفاظ العامية وتراكيبها وعلاقتها بالفُصح.

ويحاول المؤلف في كتابه الصادر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام، الانتقال من دائرة اللغة إلى دائرة الأفكار والخلفيات، فالعامية -كما يرى- ليست قضية لفظية لغوية فقط، وإنما لها جوانبها الثقافية ومرجعياتها الفكرية. وتقوم الرؤية التي يطرحها الكتاب على الوشائج بين العامية والفُصحى بالنظر إلى كون العامية أحد فروع الفُصحى، وما ينتج عن هذا من إشكالات مثل إشكالية الحوارية في القصص والمسرحيات التي يستعرضها الباب الأول. ويخلص المؤلف في هذا الجانب إلى أنه لا ضير من العامية في الإبداع بأشكاله كافة، المكتوب والمرئي والمسموع، على أن نرتقي بالقاموس ونقرِّبه من الفُصحى، وأن يضع المبدع العربي بُعد الهوية العروبية في حسبانه وهو يصوغ إبداعاته، فلا ينظر إلى المتلقي المحلي فقط. وجرى تناول هذه القضية في الباب الثاني (قضايا اللغة في الأدب الشعبي في ضوء الشفاهية والكتابية)، إذ طُرح الموضوع من زاوية علاقة الشفاهية والكتابية بالإبداع الشعبي، وأهمية حفظ تراث العربية في العامية لأنه جزء من ذاكرة الأمة.

 ويستعرض الباب الثاني أيضًا مهارات التدوين للشفاهيات العربية، وأهمية ذلك، على اعتبار أنه إذا كان هناك تاريخ مكتوب، فإن هناك تاريخًا شفاهيًّا موازيًا له يجب الالتفات إليه وتسجيله ودراسته، ليكون رافدًا من روافد مسيرة الأمة العقلية والإبداعية والوجدانية والفكرية.

 ويناقش الباب الثالث قضية الهوية مستعرضًا أبعادها ومحدّداتها، وعلاقتها بالأقليّات اللغوية والعرقية وانعكاس ذلك على الفلكلور الشعبي، كما يناقش إشكالية تتفرع عن موضوع الكتاب، ألا وهي الثقافة الرسمية والثقافة الشعبية​.