العدد 4206
الإثنين 20 أبريل 2020
banner
كورونا والثقافة الاستهلاكية
الإثنين 20 أبريل 2020

هل أفقدنا “كوفيد 19” طعم الاستهلاك ومذاق الطعام؟ أم زاد من قابليتنا للشراء من المحلات والبرادات؟ فبالرغم من تفشي هذا الوباء عالميًا والالتزام بالحجر المنزلي وفرض العقوبات والغرامات على المخالفين، إلا أن هناك مَن يخرج من بيته، فالأطباء والعُمال والفنيون والمسؤولون يَعملون من أجلنا ونحن جالسون في بيوتنا، وبالرغم من أن العديد من المصانع والمزارع تباطأ أو توقف فيها العمل إلا أن هناك العديد من المنتجات الغذائية من زراعية وصناعية تصل الأسواق ومن ثم يد المستهلك.

إذا، ليست هناك قلة في الغذاء، فالغذاء متوفر في الأسواق وبكثرة، لكن القلة في ثقافة الاستهلاك، ولعل زمن الكوفيد يُعلمنا ويرشدنا لنمط حياة استهلاك رشيد ومُفيد، خصوصا أن الكثير من الناس بحاجة إلى إصلاح في الاستهلاك، والثقافة الاستهلاكية ليست بدعة اجتماعية ولا قانونا قسريا، بل هي حاجة للتوقف عن شراء ما لا أحتاجه الآن، والتقليل منه، وعدم صرف النقود لشراء كل ما يُعرض؛ خصوصا في أوقات العروض الترويجية التي تسلب الناس مدخراتهم التي يحتاجون إليها لاحقًا.

إن الثقافة الاستهلاكية سلوك حياتي وحضاري يُعلمنا كيف نشتري ومتى، ويرشدنا إلى الطريقة المُثلى لاقتناء هذه السلعة وترك تلك بناءً على حاجتنا إلى السلعة كمًا وكيفًا، فالشراء بكثرة بدون تأني يعني مزيدًا من الاستهلاك وإنفاقا في غير محله.

ونحن في زمن الكورونا علينا أن نشتري ما نحتاج إليه، ونبتعد عن ما لا نحتاج إليه حتى ولو كان سعره مُتدنيًا حتى لا تنتقل أموال المستهلكين إلى جيوب المنتجين والتجار والشركات. إن الأزمات تُمثل فرصة استثنائية للتأمل والتدبر والتصويب، وهي امتحان لمراجعة النفس في الحياة والاستهلاك، والتأمل يحتاج إليه جميع البشر، وكم هو جميل أن نقوم بالشراء بعد انتهاء استهلاك ما لدينا، وأن لا تكون بيوتنا مخازن أخرى لتخزين بضائع التجار، فعلينا أن نشتري ما نحتاج إليه وترك ما لا نحتاجه، حماية لنا ولأموالنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .