+A
A-

أبرز مرشحي رئاسة الجزائر: لست محسوباً على بوتفليقة

تقلّد مسؤوليات عدّة ومناصب كبيرة في الدولة والأحزاب السياسية وحتى المنظمات الوطنية، بعد الكثير من التجارب الإعلامية على رأس أهمّ مؤسسات الإعلام، مسيرة فتحت له الأبواب واسعا للتموقع داخل السلطة حتى أصبح واحدا من أهم الشخصيات الفاعلة بالجزائر.

ومع كل هذا، يبدو أن الأحلام والطموحات كانت تكبر في عقله حتى إن نهاية حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي استمر 20 سنة، وعصفت بأهمّ رموزه، لم تخرب أحلامه، بل أصبح أقوى من ذي قبل وبات أمينا عاما بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أقوى حزب في البلاد، ومرشحه للانتخابات الرئاسية التي تبدو حظوظه فيها كبيرة، على الأقل للمرور للدور الثاني.

لكن ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية يأتي في سياق سياسي حرج تعيشه البلاد، لا يلقى فيه هذا الاستحقاق الانتخابي إجماعا من الجزائريين، ويواجه فيه المترشحون الذين تقلدوا مناصب عليا في عهد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، تحديات لإقناع الناخبين بإحداث تغيير سياسي وقطيعة مع النظام السابق.

عن كل هذا تحدّث المرشح للانتخابات الرئاسية في الجزائر عزالدين ميهوبي في حوار مع العربية.نت، كشف فيه عن رؤيته المستقبلية للجزائر وبرنامجه الانتخابي وحظوظه في السباق الرئاسي.

وفي ما يلي نص المقابلة:

1- شعار حملتكم الانتخابية "ألتزم"، بماذا يلتزم عزالدين ميهوبي للجزائريين؟

-مجموع الالتزامات الخمسة عشر التّي أعلنتُ عنها في وقت سابق تتعلّق مباشرة بالمواطن الذي أعتبرهُ الرّهان الحقيقي لأي مشروع سياسي أو اقتصادي، وحتى أكون واضحا معكم، فإنَّ المواطن في برنامجنا ليس فقط الصوت الانتخابي الذي نستهدفه للوصول إلى الرئاسة، المواطن بالنسبة لي هو محور العمل السياسي والاقتصادي بالدرجة الأولى، لذلك فأنا ألتزم بأن أخاطب وعيَ المواطنَ الجزائري وذكاءه، وألتزم بأن يكون أساس أيّ عمليّة اقتصاديّة أو تنمويّة في المرحلة المقبلة.

لقد ولّى العهد الذي نتعامل فيه مع الشّعب على أنه مجرّد وعاء انتخابي لا غير، أعتقد أن الأمور تغيّرت كثيرا وما يحدثُ الآن يفرضُ علي أنْ أقدّم مجموعة من الالتزامات الأخرى خارج البرنامج الانتخابي وهي الأهمّ.. ليس في مرحلة الحملة الانتخابية فقط، بل الأهمّ في مشروع الانتقال بالجزائر من دولة ريع بترولي إلى دولة اقتصاديّة ناشئة، ومجموع الالتزامات التي لم تردْ في البرنامج الانتخابي هي التزامات أخلاقية وسياسيّة بالأساس، فأنا ألتزم بأنْ أعملَ على فهمِ كلّ سياقات الحراك (المدهش) الذي بدأ في 22 فبراير ولا يزال مستمرا في بعض المناطق، ألتزم بأنْ يكونَ المواطنُ مشروعَ أي عملية تنمويّة أو اقتصاديّة، وجوهر التحوّل الجمهوري الذي نأمله ونسعى له، ألتزم بتحرير العقل الجزائري من حالة الاستهلاك إلى حالة الإنتاج، من وضعِ الهامش إلى متن النص، وإيماني بأنَّ الفرد الجزائري يملك مواصفات صناعة تاريخ جديد هو من دفعني لأن أترشّح بقوّة.

2- ترشحك إلى الانتخابات الرئاسية أثار جدلا، كيف ترد على الذين اعتبروا ترشحك عهدة خامسة وامتدادا للنظام السابق؟

هي أسئلة تشكيك تستهدف مصداقية العملية الانتخابية بالدرجة الأولى، وتهدفُ إلى زرع الشكّ واليأس في نفوس الشعب الجزائري والقضاء على أمل التغيير الذي كان السبب الرئيسي في حراك 22 فبراير المنصرم، لكن يجب أن ننبه إلى أمرٍ مهمّ، وهو أنَّ الشعب الجزائري الذي خرج يوم 22 فبراير طالب بوقف العهدة الخامسة، وبإرجاع السيادة للشعب ومحاكمة رموز الفساد، هذه المطالب كلّها تحقّقت ولم يبق إلا مطلب واحد سيتحقق يوم 12 ديسمبر، وهو المادة 08 من الدستور التي تنص على أن "الشعب يمارس سيادته من خلال عملية الانتخاب والاقتراع".

وبالنسبة لحديثكم حول النظام السابق، أعتقد أنَّ المسألة لا تتعلق بالأشخاص، إنّما بالممارسات، فالقطيعة المطلوبة ليست مع فلان أو علان، إنما القطيعة الفعلية مع الممارسات، لاسيما فيما تعلّق بالممارسات السياسيّة والشكل السياسي للنظام السابق، وهذا ما نعمل عليه بكلّ جديّة مع فريق من الخبراء في الاقتصاد وعلم الاجتماع والسياسة والقانون وكل المجالات، برنامجنا ينطلق من أنَّ الاصلاحات السياسيّة الكبرى التي سنباشرها في حال ما إذا منحنا الشعب ثقته بمشاركة كل الجزائريين هي التي ستحدث القطيعة مع الممارسات السياسية والإدارية السابقة.

3-باعتقادك، ما الذي سيدفع الناخبين الجزائريين للتصويت لك؟

-الصّدق والبرنامج

4-تخوض هذه الانتخابات برصيد سياسي وثقافي كبير وخبرة بقواعد السلطة، كوّنتها خلال عملك مع نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، هل تعتبر ذلك مكسبا لكم سيفتح لكم الطريق لتولي منصب رئيس الجمهورية؟

-أنا رجل دولة، محسوب على الدولة ولست محسوبا على أيِّ شخص، فقبل سنة 1999، وهي السنة التي تولى فيها الرئيس بوتفليقة الحكم، كنت مسؤولا ومديرا لوسائل عمومية خاصة وعامة، كنت رئيسا لاتحاد الكتاب الجزائريين سنة 1998، نائبا في أول برلمان تعددي ديمقراطي سنة 1998، كانت لي إسهامات كثيرة وكبيرة في الثقافة والأدب الجزائريين قبل 1999، ومن الطبيعي جدا أن أواصل خدمتي للدولة مع رئيس جديد انتخبه الشعب، بعد أن اشتغلت مع ثلاثة رؤساء، لذلك فأنا حقيقة أجهل الأسباب التي تدفع دائما إلى الربط بين مسؤولياتي في الدولة ومرحلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وأنا أعتبر أنّ المكسب الحقيقيّ هو نجاحي فيما كُلّفت به كإطار جزائري في مختلف المسؤوليات والمهام.

5- تشاركون في انتخابات يشكك في شرعيتها الملايين، هل أنتم مقتنعون أنها ستكون بداية القطيعة مع النظام السياسي السابق، وبداية لتحقيق مطالب الحراك الشعبي؟

-هذه الأرقام بالتأكيد مبالغ فيها بنسبة كبيرة جدّا، الملايين الآن تنتظر 12 ديسمبر لتمارس حقّها الدستوري في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، نحن الآن في نهاية شهر نوفمبر 2019 ولسنا في بداية شهر مارس 2019، الملايين التي حملت مطالب التغيير الكبرى في شهر مارس تستعدّ الآن للمشاركة في انتخابات 12 ديسمبر، بعدما تحقّقت المطالب التّي اتفق حولها كل الجزائريين.

الانتخابات المقبلة هي تجسيد لآخر مطلب شعبيٍّ كبير ألا وهو المادة 08 من الدستور، سيمارس الشعب سيادته من خلال الانتخابات، سيجسدها دستوريا ولن تنجحَ أيّ محاولةٍ من بعض الأطراف لإخراج الشعب من سياق الشرعية الدستورية، طبعا هذا لا يعني أن الحراك انتهى، بل لا يزال مستمرا ولكن بشكلٍ أقل من بداياته الأولى، ومن الصّعب أنْ تناقش السلطة ما تبقى من مطالب لأنها لا تحقّقُ إجماع كل الجزائريين وهذا أمر طبيعيٌّ، لكن يمكن مناقشتها بالتأكيد بعد الانتخابات في إطار سياسي شفاف وصريح.

6-المناهضون للانتخابات يرون أن تنظيمها قبل المرور بمرحلة انتقالية وتشكيل مؤسسات انتقالية، لا يحقق مطالب الحراك الشعبي ورغبته في التغيير السياسي، ما رأيكم؟

-تأكدوا أنَّ الدخول في مرحلة انتقالية لن ينتهي بتنظيم أية انتخابات، سينتهي بمرحلة فراغ معقدة وخطيرة، قد يكون هذا معقولا في بلدان لم تجرّب خطورة هذه المراحل الانتقالية التي عادة ما تؤدّي إلى خراب كبير، نعرفُ جيّدا ما يحاك ضدّ الجزائر، ونحنُ على وعيٍ تامّ بخطورة الوضع وبالأهداف الحقيقيّة وراء مطالب المرحلة الانتقاليّة، ثم إن الذّين يطمعون ويطمحون في الدفع بالجزائر إلى دخول مرحلة انتقالية نسوا أنّنا في الجزائر جرّبناها مرتين وقد دفعنا ثمنها غاليا، بل إنَّ صعوبات كبيرة وخطيرة جدا واجهت مؤسسات الدولة في إعادة القطار إلى السكّة، الآن هناك جزء كبير من الشعب يرغب في إجراء الانتخابات وجزء آخر ضدّ الانتخابات، الخيار الأفضل للجزائر هو إجراء الانتخابات، وبعد الانتخابات سأعمل في حال نلت ثقة الشعب على فتح كلّ قنوات الحوار بشكل فعّال.

7-ألا تتخوّفون من صعود رئيس بدون شرعية شعبية؟

-هناك سوء تقدير في هذه النقطة، الرئيس القادم سيكون شرعيّا وذلك من خلال تطبيق المادة الـ 08 من الدستور، المادة الـ 08 من الدستور تقضي بأن الشعب يمارس سيادته من خلال الانتخاب، وبالتالي فعن أيّ (عدم شرعيّة ) يتحدثون؟ لذلك وببساطة، لا توجد لدينا أي مخاوف.

8-لم يكن لكم موقف من معتقلي الحراك، هل هو خوف أم تريث؟

أولا لا يجبُ أن نربط بين من يوصفون بالمعتقلين وبين الحراك، الحراك موجودٌ وهو يعبّر عن رأيه بكل صراحة وقوّة وشجاعة، يوجد في السجن مسؤولون كبار شغلوا مناصب سامية في الدولة ويوجد فيه أيضا من الجهة الأخرى، والسبب الوحيد لوجود كل هؤلاء في السجن ومن الطرفين هو مخالفة القانون، نحن بلد يحترم الحريات والتعبير الحر، لا الجيش ولا العدالة ولا أي مؤسسة دستورية في البلد لها تصفية حسابات مع أي كان، هناك قانون، ومن يتعدّى عليه أو يسيء إلى الدولة كمفهوم وليس كرموز مكانه السجن بالتأكيد، وبالتالي فموقفي من كل السجناء هو احترام لاستقلالية العدالة، وليس خوفا أو تريّثا.

9-من أين سيموّل ميهوبي حملته الانتخابية؟

-جزء من التمويل من ميزانية الحزب وجزء آخر من إسهامات مناضلي التجمع الوطني الديمقراطي وبعض المتعاطفين، سوف أقدّم تقريري المالي بعد 12 ديسمبر وستكون حملتي الانتخابية الأقلّ تكلفة.

10- وجود الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى في السجن بتهم فساد، ألن يؤثر على حظوظكم؟

منذ توليت الأمانة العامة بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي، عاهدت نفسي وكل إطارات الحزب ومناضليه على مجموعة من الالتزامات المصيريّة، أهمّ هذه الالتزامات هي تحرير الحزب من الممارسات السلبية في السابق وضرورة تفتّح الحزب على الجيل الثاني من التمكين الديمقراطي الذي باشرته الجزائر قبل نحو ثلاثين سنة، لكننا نثق في أن الجزائريين يعرفون جيّدا منتخبي الحزب في البلديات والولايات وكل المناطق، فوجود أكثر من 500 ألف مناضل في حزبنا ومئات المنتخبين في مختلف المجالس النيابيّة يسمح للشعب الجزائريّ ألا يحكم على حزب كامل من خلال أخطاء مسؤول واحد في الحزب.

11-في حال انتخابك رئيسا، ما هي أول القرارات التي ستتخذها؟

-التعجيل في تعديل وتحيين كل القوانين المتعلقة بالاقتصاد الوطني وتحيينها لتسمح لنا بالانتقال من اقتصاد الريع إلى اقتصاد متنوّع، سأعمل أيضا على فتح مشاورات سياسيّة مع الساحة السياسية التقليدية (قبل 22 فبراير) وصنّاع المشهد السياسي الحالي وكل الكفاءات الوطنية في الفكر والثقافة وعلم الاجتماع وخبراء السياسة وحتى من الشخصيات الوطنية التي كان لها دور كبير في المسار السياسي للجزائر المستقلة، تنتهي هذه المشاورات باستفتاء شعبي حول دستور جديد

12- على صعيد السياسة الخارجية، ما هي الأولوية في هذا الاتجاه؟

-الدبلوماسية الجزائريّة وجه مشرقٌ للجزائر شعبا وحكومة، وتاريخ الدبلوماسية الجزائرية متّسق ومتناسق تماما مع مواقف الشعب الجزائري، لذلك سأعمل على تدعيم الدبلوماسية الجزائريّة الحالية بنفس جديد يتناسب وإرادة الشعب الجزائري في تحقيق اقتصاد قوي، وأقصد هنا الدبلوماسيّة الاقتصادية التّي يجب أن نفعلها ليكون الاقتصاد محورا رئيسيا لمهام الدبلوماسيّة، وسأعمل على تقييم دوري لأداء السفراء والقناصلة للوقوف على مدى تحقيق التمثيل الاقتصادي الذي نأمله، وفي هذا الخصوص سأعمل على تكثيف التواجد الدبلوماسي في الدول الاقتصادية الكبرى وتعزيزه في البلدان التي ترتبط بها الجزائر تاريخيا

13-هل هناك نية لمراجعة العلاقات مع فرنسا وطي الخلافات السياسية مع المغرب؟ وماذا عن القضية الصحراوية؟

أعتقدُ أن فرنسا بلد محوريّ، لقد قدنا أعظم ثورة على فرنسا الكولونيالية وانتصرنا عليها، بقي على فرنسا البلد الأوروبي الفاعل من خلال الأجيال الجديدة أن يساعد الشعب الجزائري في القضاء على ترسبات تلك المرحلة الكولونيالية المظلمة، لذلك ننتظر مزيدا من الجهد من الطرف الفرنسي في مناقشة بعض الملفات، وهذا بالنسبة لنا مطلب مهم من النخب المثقفة والمؤرخين في البلدين، ولا أعتقدُ أنَّ هناك ما يمنع من إزالة هذه الترسبات في إطار نقاش جدّي.

بالنسبة للجارة المغرب، لا توجد أي خلافات، نحن نقيم علاقاتنا بالدول الجارة أو الصديقة بناءً على مواقف وصداقة وأخوة الشعب الجزائري مع هذه الدول، الشعب الجزائري والشعب المغربي شعبان يقيمان علاقاتهما بكثير من الأخوة والاحترام المتبادل، الأمر نفسه بالنسبة للشعب الصحراوي الذي يحظى بمحبة وتعاطف وتضامن الشعب الجزائريّ، وموقف الجزائر الداعم للشعب الصحراوي في حقّ تقرير مصيره، وهو حقٌّ دفع لأجله الشعب الجزائري مليونا ونصف المليون شهيد في سبع سنوات ونصف السنة، ناهيك عن ملايين الشهداء قبل اندلاع ثورة التحرير المباركة، لذلك لا يجب أن يتوقّع أيُّ طرفٍ أنّنا سنسير ضدّ تاريخنا الكبير في نيل الحرية والاستقلال دون أن أغفل الدعم الثابت للشعب الفلسطيني في كفاحه ودولته المستقلة وعاصمتها القدس.