+A
A-

قضية الساعدي تتفاعل.. رئيس حكومة العراق بين نارين

أثار قرار رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استبعاد قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق عبد الوهاب الساعدي، الذي اضطلع بدور كبير في المعارك ضد تنظيم داعش، على مدى اليومين الماضيين، غضباً في البلاد وسط علامات استفهام عن أسباب القرار.

وإذ لم يشر الأمر الديواني إلى أسباب القرار، رأى مراقبون أنه نتيجة انقسام داخلي بين القوى والأحزاب النافذة، إلى جانب التدخل الخارجي في شؤون الأمن والدفاع، خصوصاً بين حليفتي العراق الكبيرتين، الولايات المتحدة وإيران، في حين رأى البعض أن عملية استبعاد الساعدي ليست إلا انتقاماً وتصفية حسابات داخلية.

بينما أشارت معلومات غير رسمية للعربية.نت إلى احتمال أن يكون للملف علاقة باتهامات فساد.

عبدالمهدي بين نارين

وأشعلت قضية الساعدي مواقع التواصل الاجتماعي في العراق خلال الساعات الماضية. ففي حين اعتبر عدد كبير من العراقيين قرار نقل الساعدي، الذي جاء بموافقة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، بطلب من رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق أول الركن طالب شغاتي الكناني، غير مدروس ومتسرعاً، عده البعض الآخر قرارا عاديا يأتي من صلب عمل المؤسسة العسكرية وقائدها العام للقوات المسلحة، وأن عملية تدوير المناصب والضباط مسألة طبيعية في أي مؤسسة عسكرية في العالم، وما على العسكري أو الضابط إلا تنفيذ واجبه وما أمر به!

أما الساعدي فاعتبر في تصريحات صحافية، السبت، قرار إحالته إلى إمرة وزارة الدفاع "عقوبة وإساءة وإهانة له ولرتبته العسكرية".

وقد وضع هذا المشهد رئيس الحكومة العراقية أمام نارين، نار عراقيين غاضبين، ونار التراجع التي قد تحرق "هيبة" الحكومة وقراراتها!

ضغوط قيادات مقربة من إيران

وتعليقاً على تلك القضية التي شغلت الرأي العام في العراق، اعتبر الخبير الأمني والمحلل الاستراتيجي هشام الهاشمي أن التحولات في سياسة إدارة الملف العسكري الخاص بجهاز مكافحة الإرهاب تؤكد أن الجهاز الوطني الوحيد الذي لم يخضع للمحاصصة الحزبية بات مخترقاً.

ورأى في تصريح للعربية.نت أن "قرار نقل القائد عبد الوهاب الساعدي ربما أتى بناء على ضغوط مارستها قيادات مقربة من إيران لأجل إبعاد الشخصيات والقيادات التي لا تنسجم مع رؤيتها السياسية والعسكرية في جهاز مكافحة الإرهاب، على الرغم من أن أوساطا عراقية كانت أفادت في وقت سابق أن شغاتي مقرب من الأميركيين.

كما اعتبر أنه على الرغم من أن هذا الإجراء قد يكون روتينياً بحتاً إلا أن فيه الكثير من إشارات الاستهداف الشخصي للساعدي.

‏إلى ذلك، اعتبر الهاشمي القرار متسرعا وغير مدروس، لا سيما أن الحرب على داعش لا تزال مستمرة، لافتاً إلى أن "تجميد رموز النصر في هذا الوقت خلل كبير، يحفز معنويات العدو، ويضعف ثقة المواطن بقرارات القيادة العسكرية".

التراجع عن القرار

من جانبه، تساءل المحلل الأمني والاستراتيجي سرمد البياتي في حديث للعربية.نت: "هل يستطيع رئيس الوزراء العراقي التراجع الآن عن قراره أمام هذا الضغط الشعبي؟"، معتبراً أن الدولة العراقية في ورطة، وأن هيبتها ستسقط إذا تراجعت عن القرار.

كما رأى أنه لم يعد أمام القيادة العراقية سوى حل واحد لحل تلك الأزمة، ألا وهو تفريغ منصب يليق بمكانة الساعدي، لا سيما أن تظاهرات عدة خرجت في العراق تأييداً له.

سؤال برلماني

يذكر أن النائب العراقي محمد شياع السوداني كان أعلن، السبت، توجيه سؤال برلماني إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لبيان أسباب تجميد الساعدي.

وقال في بيان "تفاجأنا بقرار القائد العام للقوات المسلحة بتجميد المقاتل عبد الوهاب الساعدي الذي تحررت على يديه العديد من المدن دون توضيح الأسباب". وأضاف أنه "استنادا إلى أحكام الفقرة السابعة من المادة 61 من الدستور سنوجه سؤالا برلمانيا إلى القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء لبيان أسباب نقل المقاتل قائد قوات مكافحة الإرهاب إلى وزارة الدفاع بالأمرة، ما يعني تجميد صلاحياته العسكرية بشكل كامل، وهذا يتنافى مع ما قدمه هذا المقاتل من إقدام وشجاعة، وهو الذي رفض ارتداء رتبته العسكرية ما لم يحرر بلده بالكامل".

بدوره، عد رئيس كتلة الإصلاح والإعمار النيابية والقيادي في تحالف سائرون صباح الساعدي، إجراء الحكومة بنقل بعض القادة العسكريين في جهاز مكافحة الإرهاب إلى الأمرة في وزارة الدفاع "إساءة كبيرة وجريمة لا تغتفر بحق انتصارات التحرير".

كما اعتبر "نقل الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي القائد الميداني في معارك تحرير الأنبار والفلوجة والموصل إلى الأمرة بناء على طلب من رئيس جهاز مكافحة الإرهاب طالب شغاتي قضية كبيرة تثير الاستفهام حول طبيعة ما يجري داخل الجهاز من عمليات إقصاء للضباط والقادة الشرفاء والنزيهين".

من هو عبدالوهاب الساعدي

ولد عبد الوهاب عبدالزهرة زبون الساعدي، في مدينة الصدر ببغداد عام 1963، وظهر اسمه كثيرا بعد العام 2014 إبان اجتياح تنظيم داعش لأراضٍ عدة بمحافظات عراقية، وهي الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك.

تخرج الساعدي الذي حصل على شهادة بكالوريوس تربية في اختصاص الفيزياء، من الكلية العسكرية العراقية عام 1985.

ودخل كلية الأركان وتخرج منها عام 1996 برتبة رائد ركن، وكان أحد العشرة الأوائل.

ثم دخل بعدها كلية القيادة، وعندما وصل لرتبة عقيد ركن دخل كلية الحرب ليتخرج ضابط حرب، واستمر في دراسته العسكرية حتى أكمل الماجستير في العلوم العسكرية وأصبح معلما في كلية الأركان العراقية.

كما شارك في معارك التحرير في الرمادي وصلاح الدين والموصل وغيرها.