أتذكر أن اليوم الرياضي شهد في العام الماضي عشرات الفعاليات في مختلف محافظات مملكة البحرين.
كرنفال وطني عزز رونقه دعم صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بقرار تخصيص نصف يوم عمل لممارسة الأنشطة والفعاليات الرياضية في الوزارات والهيئات والمؤسسات التابعة للحكومة.
احتفلنا في ذلك اليوم، والتقطنا صورا للذكرى الجميلة التي نُشاهد فيها الجميع يرتدي الزي الرياضي مسؤولا كان أم موظفا، حدث ذلك بالأمس القريب.
وبالتأكيد، فإن غالبية البحرينيين والمقيمين لم تتلاش من ذاكرتهم صور اليوم الرياضي البهيج الذي اقترب منا ودنا في التاريخ الموافق 13 فبراير الجاري، وأتوقع أن كثيرين بدأوا بالفعل إعداد العدة لقضاء يوم استنائي في أجواء رياضية مفعمة بالسرور.
لكنني أجزم أن كثيرين أيضا فاتتهم الاستفادة من هذا اليوم على المستوى الثقافي التوعوي بأهمية الرياضة؛ للحفاظ على صحة الفرد من الأمراض المتزايدة في مجتمعاتنا بسبب عدم ممارسة الرياضة واتخاذها نهجا وأسلوب حياة يحافظ على صحتنا ونشاطنا وعطائنا.
يتوجب الوعي والإدراك الكامل بأهمية هذا اليوم الذي يُذكرنا بالبعد الروحي للرياضة، والذي غاب عنا في خضم انشغالاتنا اليومية وقضائنا أكثر الأوقات في السيارة؛ بسبب مشاويرنا بوقت تكون فيه غالبية الشوارع مكتظة!
وللزحمة المرورية أسبابها مع هذا الكم الهائل من السيارات الآخذ في التزايد، فلم تعد السيارة وسيلة نقل فحسب، وإنما أصبحنا نعتمد عليها إلى درجة أنها لو غابت لما ذهب أحد منا للعمل مع افتقادنا شبكة نقل متكاملة وسريعة تجعلنا نتخلى عن السيارة في بعض الأوقات.
ربما أصبحت البحرين بحاجة ماسة لميترو يسير على النقاط الرئيسة في البلاد تماما كما هو حاصل في دبي وأيضا في الرياض عما قريب.
وفوائد الميترو كثيرة ومتعددة، منها بيئية، ومنها اقتصادية، ومنها صحية.. نعم صحية، فالدولة ستضمن أن غالبية من يستخدمون الميترو لم يصعدوا على متن القطار إلا بعد رحلة مشي معتبرة، ذلك أن محطات توقف القطار ليست على أبواب منازلهم، وسيمنعهم هذا الأمر أيضا من الذهاب إلى البرادة والمطعم والدوبي وبائع الخضراوات والفواكه والخباز وشاي الكرك، وهي محلات قريبة من منازلهم، لكنهم اعتادوا على ارتيادها بالسيارة، ودون أي تردد يضغطون على “بوق السيارة” ليأتي “البيا” ويسمع “الأوردر”.
النداء السحري
غير أن مضار البوق (الهرن) فتاكة، ربما تفوق مضار التدخين الذي رفعت ضريبته مؤخرا، وأصبحت علبة السجائر بدينارين، فيما لا يزال البوق مجانيًا ودون ضريبة حتى تحول إلى نداء سحري يجلب لك ما تريده بمجرد الضغط على المقود، ليس ذلك فحسب، إذ بإمكانك تحذير الناس واستهجان تصرفاتهم أيضا.
هذه الاحتياجات المعيشية التي يتم طلبها من المحلات بإطلاق الأبواق خلقت حالة من الضوضاء المزعجة، ناهيك عن تحذيرات السواق المنفعلين والحذرين عندما تكون في مرمى أبصارهم على طريق مزدحم. عندها ستشعر أن بوق السيارة سلاح خطير يستوجب استخدامه بتصريح رسمي بدل إطلاقه في العنان دون مراعاة للسمع العام!
وهذه هي الضريبة التي يتوجب أن يدفعها من يستخدم بوق السيارة لطلب علبة ماء أو عصير دون أن يكلف على نفسه النزول من السيارة والتحرر قليلا من الكسل الذي بان واضحا تأثيره على جسده المترهل، ولياقته المهترئة.
لسنا ضد الضرائب على من يلوثون الجو بضوضائهم. الضريبة هنا عقوبة لمنتهكي حريتنا بتوقفهم في منتصف الطريق أمام كل المحلات؛ ليطلقوا أوامرهم من برجهم العاجي.
هم كثيرون، ولا أعتب على أحد منهم، فهذا سلوك يتقبله المجتمع ويأخذه على 70 محملا، لكنهم نسوا أن يحملوا صحتهم على محمل واحد وهو المشي قليلا والترجل من هذه الآلة الحديدية التي أصبحت شركات السيارات تضع فيها كل مقومات التسلية والرفاهية حتى بات البعض لا يستخدم أقدامه إلا نادرا، واليوم الرياضي الذي تحدثنا عنه منذ البداية هو في واقع الأمر لهؤلاء ممن نسوا أن لهم أقداما بإمكانهم تحريكها!