من تابع لقاء منتخبنا الوطني أمام نظيره القطري في نهائي بطولة آسيا لكرة اليد؛ سيدرك فعلا أن التفاصيل الصغيرة هي من تُحدد النهايات الكبيرة. خطأ بسيط أو هفوة سبب كاف لتخسر اللعبة، لذلك من هم أقل ارتكابا للأخطاء أكثرهم نجاحا على الإطلاق. وهكذا تسير الأمور في شتى مناحي الحياة.
وبالنسبة إلى منتخبنا الوطني لكرة اليد فقد أدى ما عليه وأكثر رغم خسارته المباراة النهائي، إذ بلغ نهائيات كأس العالم بألمانيا والدنمارك واحتل المرتبة الثانية على مستوى قارة آسيا، ويكفيه فخرا أن الخسارة في النهائي القاري جاءت بفارق طفيف جدا أمام منتخب عالمي مُرشح فوق العادة للاحتفاظ بلقبه. وهذا إحراج للبطل!
أما حقيقة الفارق في المستوى بين منتخبنا ونظيره القطري، فلا يمكن إنكارها. إنها مسألة موجودة إلى درجة أثرت فيها على مبدأ تكافؤ الفرص، منتخبنا صناعة بحرينية خالصة، ومنتخب قطر صناعة عالمية، وفضلا عن ذلك، فإن ميزانية اتحاد كرة اليد في البحرين ربما يعادل قيمة راتب أحد اللاعبين المحترفين في المنتخب القطري. وهذه معلومة للتأمل!
من هنا يتضح لنا الفارق الكبير حتى في طريقة إدارة اللعبة في كلا البلدين، فاللاعب الذي يتم التعاقد معه من قبل قطر، يتم اختياره بناء على متطلبات فنية محددة، مع ضرورة أن يكون واحدا من أفضل المحترفين على مستوى العالم في مركزه، وهذا ما كدّس نجوم لعبة اليد العالمية في فريق واحد، كاد أن يفوز ببطولة العالم. ولكنه لم يفلح.
ولا ننسى أن اللاعب المحترف ذا القيمة الفنية والمالية العالية، يكون الأكثرانضباطا والأقل ارتكابا للأخطاء من خلال حفاظه على لياقته وتركيزه طوال الوقت مع تنفيذه المهام الجماعية والفردية بدقة متناهية حسب متطلبات المباراة، وهي مواصفات ليست موجودة في اللاعب البحريني؛ لأنه ببساطة شديدة “مواطن عادي” يمارس اللعبة كهواية وتسلية. ولا يعتبرها عملا.
عندما نريد أن نتجاوز ما وصلنا إليه من مستوى في كرة اليد أو غيرها من الألعاب، فعلينا أولا أن نعرف نقاط قوتنا، ونقاط ضعفنا، وبعدها يمكن لنا أن نرسم خططا طموحة لتحقيق الألقاب القارية والدولية... وعلينا قبل ذلك أن نحافظ على مواهبنا ونحيطهم بالرعاية والاهتمام، حتى نكمل ما بدأناه معهم، كلما تحسنت الأحوال.
أما هذا المنتخب الرائع الذي مثلنا في بطولة آسيا لكرة اليد وخسر المباراة النهائية بشرف أمام المنتخب القطري بفارق نقطتين فقط 33/31، فإنه يستحق الاحترام والشكر الجزيل على ما بدله جميع أفراد بعثتنا في كوريا الجنوبية من جهود في المشاركة الآسيوية التي جعلوا منها مصدر فخرنا.