العدد 3360
الثلاثاء 26 ديسمبر 2017
لغتنا الجميلة
الثلاثاء 26 ديسمبر 2017

ربما نشعر بشيء من الخجل عندما يدرك الآخرون ما لدينا من إسهامات حضارية وجماليات وأخلاقيات وقيم ومكامن قوة يتمنون امتلاكها، عندها لن يفرطوا فيها كما نفرط نحن إفراطًا شديدًا، وكأن الأمر لا يعنينا أو أننا لا نريد من يذكرنا بها حتى لا نشعر بالحسرة على ما فات، ولا يطالبنا أحد ببذل جهد لتعويضه واسترجاعه. مر علينا الثامن عشر من ديسمبر كغيره من الأيام دون أن نشعر بأن العالم يحتفي باليوم العالمي للغة العربية، وذلك بعدما أقرتها الأمم المتحدة كلغة رسمية في عام 1978.

وزاد بعض خطباء الجمعة من الأوجاع عندما تحدثوا عن اللغة العربية وفضلها وكيف أنها من الدين وأن استهدافها هو في حقيقة الأمر استهداف للدين، في وقت تتزايد فيه المخاطر التي تواجهها اللغة العربية، مع تزايد استخدام اللهجات واللغات غير العربية.

بطبيعتي لا أحب أن ألقي المسؤولية على الآخرين في أية مشكلة تعاني منها أمتنا مهما كانت كبيرة أو مستعصية، ليس إنكارًا لوجود دور للخارج، إنما إيمانا بأننا نتحمل المسؤولية الأكبر أولاً وأننا من نسمح بهذا الدور الخارجي ثانيا، كما أننا قادرون على منع هذا الدور وإيقافه.

منذ صغرنا وحتى اليوم نسمع ونردد أن أمتنا أمة واحدة في التاريخ واللغة والدين والمصير، وأن هذه المقومات نتفرد بها عن غيرنا من الأمم، ورغم ذلك لم نتحد فيما بيننا في وقت اتحد فيه الآخرون على ما كان بينهم من عداء طويل وتناحر شديد واختلاف في اللغة والدين والثقافة وغيرها، في الوقت الذي ازداد فيه انقسامنا وتشرذمت بعض دولنا ولم نحافظ حتى على اللغة التي تجمعنا وتعبر عن هويتنا.

الاعتزاز باللغة العربية الخطوة الأولى والأهم لتستعيد لغتنا قيمتها وعالميتها، وهذا هو شغل الآباء والأمهات وكذلك المتخصصين والمهتمين بالعمل على غرس هذا الاعتزاز ليكون أسلوب حياة لشبابنا وأطفالنا، حيث يضع قطاع كبير منهم اليوم هذه اللغة  في مرتبة متأخرة عن غيرها من اللغات الأجنبية سواء في حديثهم أو تعليمهم أو حتى في حبهم وميلهم.

وأختم بهذه التدوينة المعبرة والرائعة من الصفحة الرسمية لمنظمة اليونسكو العالمية: “إذا تكلمت العربية، كن مخلصاً لها ولا تقاطعها بجمل من لغات أجنبية، جميلة هي هكذا لا يشوبها نقصان”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .