فيما تتجه أنظار العالم إلى المنامة؛ ترقبا لما سيسفر عنه اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وما سيدلي به الوزراء من تصريحات في المؤتمر الصحافي المزمع عقده في وقت لاحق اليوم، نأمل ألا يتفرغ الإعلام القطري لمواصلة خطة يرجو منها تحقيق ما يروج له في الداخل على أنه انتصار إعلامي, وفي الخارج على أنه مظلومية.

صناع القرار في الدوحة عليهم أن يعيدوا النظر في هذه المعالجة الإعلامية الخاطئة للأزمة، وأن ينظروا إلى المستقبل؛ ليروا الصورة الأكبر، حينها سيدركون أنه لا يوجد منتصر ولا مهزوم بين الأشقاء، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمواجهة التحديات الكبيرة الجاثمة والمقبلة، التي تفرض على الجميع العمل على لم الشمل ورفض بث الفتن والدسائس للتفريق بين الشعوب الإسلامية والعربية والخليجية.

الخطاب الإعلام القطري كان جزءا من الأزمة، وبالتالي فإن تغييره سيكون جزءا من الحل. والتغيير يبدأ أولا بوقف صب الزيت على النار، والتركيز على التصدي للأزمات الحقيقية المتمثلة في تصاعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لحرمة المسجد الأقصى، وتمدد النفوذ الإيراني شرقا وغربا، والإرهاب الذي ينخر في أساسات أوطاننا.

محاولة الإعلام القطري إيهام إخواننا في قطر بأن الدول الأربع عدوة لهم وتريد لهم شرا لن تصل به إلى أي مكان، فالشعب القطري الواعي يعرف من هم أعداء الأمة الحقيقيون، وحتى مع افتراض أن هذه المحاولة نجحت - وهو أمر مستبعد لأن القطريين مآلهم في النهاية بيتهم الخليجي والعربي - فستكون قطر هي الخاسرة، إذ ستجد نفسها منعزلة تواجه بمفردها أمواج التحديات المتلاطمة.

الأزمات التي تمر بها المنطقة تفرض على الجميع التحلي بروح المسؤولية والارتقاء إلى مستوى التحدي، وإدراك الجميع بأنه لا سبيل للوصول إلى بر الأمان إلا إذا أبحرت السفن في اتجاه واحد، والتيقن بأن من يبحر بمفرده سيرتطم قاربه بصخور التحديات وحينها لن يجد بجواره من يمد له طوق النجاة.

فعوضا عن الانجرار نحو معارك جانبية لا طائل منها، والتفرغ للتراشق الإعلامي، على الإعلام القطري أن يبدأ من الآن في تمهيد الطريق أمام عودة منتظرة للسلطات القطرية إلى المسار الصحيح عبر تقديم خطاب إعلامي عقلاني ومتزن وموحد لا مفرق، وسيكون هذا الخطاب إيذانا بعودة محمودة للدوحة للحضن الخليجي والعربي، ودليلا على جديتها في محاربة الإرهاب ووقف الترويج لخطاب التطرف والكراهية، وتأكيدا على توصلها لتشخيص سليم للخطر الحقيقي الذي يهدد وحدتنا ووجودنا.