العدد 3202
الجمعة 21 يوليو 2017
banner
ما بين الطائر العفريني وحُماته (1)
الجمعة 21 يوليو 2017

في الآونة الأخيرة بعد أن أغمضت روسيا أعينها عما يحدث على تخوم عفرين من قصف تركي متكرر بعد مواءمة المصالح بين روسيا وتركيا، شعر بعض أنفار الإدارة الذاتية في كانتون عفرين بأن الروس خدعوهم، علماً أن النشطاء ومثقفي المنطقة لعشرات المرات لمّحوا لدهاقنة الكانتون قائلين: إن مَن يركب على جواد غيره سيبقى راجلاً، وقبل فوات الأوان على المتّكل الاعتماد على ما يمتلك من القوة البشرية، وأن يكسب ود الحاضنة الشعبية قبل أيٍّ كان من القوى الدولية أو الإقليمية التي يعوّل عليها، ومن المفروض على الإنسان السوي أن تكون فائدته الحقيقية عائدة لأهله وناسه قبل الغرباء الذين سرعان ما يتحولون إلى غرماء بسبب موقفٍ سياسي ما أو تضاربٍ في المصالح الاقتصادية، والعاقلَ العاقل لا يجعل من أضلاع أولاده سلالم لعبور من ينكرون فضل السُلّم وصاحبه.

إذ إن الحُماة المفترضين ومنذ أكثر من ثلاث سنوات يدفعون الشباب الكرد ليكونوا أحطابا في مواقد الجيران، الجيران الذين استفادوا جداً على مدار السنوات الماضية من القرابين المستقدمة من المناطق الكردية، ولكنهم مع ذلك ينكرون فضل أولئك البشر عليهم، وذلك باعتبار أنهم في مقام الغرماء بالنسبة لهم، كحال السمك الذي يأكلونه ويشتمونه، فهم يتغذون من لحمه ولكنهم لا يخفون تذمرهم وامتعاضهم من الحَسَك الذي فيه، لذا يسارعون إلى شتم السمك حتى لا يقروا بفضله عليهم، علماً أن السمك من الناحية الغذائية يمد أبدانهم بالبروتين، واليود، والكالسيوم، والفسفور.

وفيما يخص مداواة العلل الآنية بالعقاقير الغابرة، أو إيجاد وصفةٍ ما من تراث السلف تناسب الوقائع الراهنة، نرى أنه ليس ضروريا أن نستقصي الحكمة ونتحرى عنها في أقاصي المعمورة حتى نعالج إشكاليات راهننا بها، وليس مفروضاً علينا العودة في كل مرة إلى قصص أيسوب الإغريقي أو حكايا كليلة ودمنة الهندية لنقرأ الحاضر على ضوئها، إنما قد تكون ثمة قصة أو حادثة بين أيدينا تفي بالغرض أكثر من المواعظ المستوردة، وذلك باعتبار أنها تمثل نبض الواقع، ولعلها تكون أبلغ من عشرات الحِكم المستجلبة من أقاصي الكون، كونها خرجت من نفس التربة، لذا ففيما يتعلق بتجربة الحُماة الحاليين في كانتون عفرين المعنيين جداً بإرضاء كل الأطراف الخارجية على حساب الطرف الداخلي الذي هو أصلاً المعين والقاعدة والأرضية والحاضنة التي من المفروض أن ينطلق منها الحزب أو الجهة إلى باقي بقاع الأرض، تحضرني حيال ذلك الأمر قصة طائرٍ اتخذ من شجرة عالية في قرية تابعة لمنطقة عفرين تدعى كوردان مأوىً له... “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .