+A
A-

وزير العدل: القيادة تدعو دائماً للسير على النهج القويم لديننا الحنيف

أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين حفظه الله، يدعو دوماً إلى العمل بحقيقة الإسلام، وإبراز جوهره النقي الراقي، ويوجه جلالته حفظه الله في كل مناسبة إلى الوحدة والتآلف والتسامح والتعايش والانفتاح واحترام التعددية، كما تحرص الحكومة الرشيدة على ذلك النهج القويم، وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر الذي دعا إلى خطاب إسلامي وسطي هادف يرتقي بالمجتمع ويعزز وحدته، ويؤكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء أن البحرين اختارت الوسطية بدل التطرف والبناء بدل الهدم والتعايش بدل رفض الآخر.
جاء ذلك خلال الاحتفال السنوي بمناسبة ليلة القدر المباركة، والذي أُقيم الليلة الماضية بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بتنظيم من إدارة الشؤون الدينية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.
وأضاف معالي وزير العدل، قائلاً: أنزل الله تعالى أجل الكتب في أبرك شهر وفي أعظم ليلة وفي أحب البقاع إليه وعلى خير الخلق أجمعين، وفي تلك الليلة العظيمة كلف الله تعالى المصطفى بالرسالة وشرَّفه بالنبوة ليكون خير رسول بخير رسالة إلى خير أمة أخرجت للناس. ومنذ بزوغ فجر تلك الليلة المباركة اتخذ خط التاريخ مساراً جديداً وبدأت رحلة الإنسانية الحائرة تتبين معالم الطريق المستقيم، وانطلقت رسالة الإسلام الحضارية ترفرف بالحب والسلام في أرجاء المعمورة، مؤذنة بميلاد عصرٍ إنسانِيٍّ جديد لا يعرف إلا القيم العليا، والمبادئ السامية، التي تحفظ للبشرية وجودها وكرامتها.
واشار معاليه إلى أن ليلة القدر كانت بمثابة طوق نجاة، أنقذ البشرية من المهالك والمخاطر، التي أحاطت بها بعد انقطاع الوحي والنبوة فترة من الزمن، وكانت ليلة القدر بداية تصحيحٍ للمسار الإنساني، وفق معالم ربانية تقود البشرية للخير والصلاح والتسامح والسلام والتعاون فيما بين جميع المكونات البشرية، والمتأمل في الحالين قبل البعثة وبعدها، يدرك بما لا يدع مجالاً للشك ما أحدثته الرسالة الخاتمة من تحولات نوعية في الحياة البشرية في كل المسارات، فلقد أضاء الوحي المبارك جنبات الكون بمشاعل النور والهدى، وأرسى الإسلام نظام تعايش بشري حفظ كرامة الإنسان، وارتقى بالحياة الإنسانية، قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً).
وأوضح معاليه أن الإسلام وبحكم عالميته وضع نظاماً حياتياً راقياً يضمن سعادة البشرية ويجنبها الصدام والدمار، وبنى صرحاً شامخاً من القيم الأخلاقية السامية التي تجعل من البشر مع تنوعهم أسرة واحدة قال جل شأنه: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
وتساءل معاليه: إذا كان هذا هو الإسلام برقيه وحضارته؛ فلماذا حدث ما نراه اليوم من بعض المنتسبين إليه، ممن قلبوا حقيقة الإسلام وصدروا للعالم صورة مشوهة عن قيمه ومبادئه، لماذا أصبح الإسلام مطية لأولئك الموتورين، الذين استبدلوا أمن الإسلام بخوف، وتسامحه بكره، وعدله بظلم، لماذا اتخذه بعض أدعياء الإسلام وسيلة لتسويق طائفيتهم البغيضة، وعنصريتهم المقيتة، واستحلوا لأنفسهم وأد مخالفيهم في الرأي أو في الفكر أو في المذهب أو في الدين.
وبين أن الجهل بمقاصد الإسلام وغاياته السَّمْحَة، والتقليد الأعمى لدعاة الغلو والتعصب والإرهاب، وانعكاس لفهم سقيم لنصوص الشرع الحنيف، وغياب للقدوات، واختطاف للدين، واستقطاب لقدسيته، والتطرف عن وسطية الإسلام، والتشدد في تطبيقه والغلو في فهمه، وتسطيح لمقاصده وغايته، كل ذلك أثر في فكر وسلوك المتطرفين الذين اتخذوا العنف والإرهاب منهاجاً، وسلكوا بالناس مسلكاً وعَرِاً جانب الصواب، وعكر صفو مقاصد الشرع الحنيف، وشَوَّهَ الغايات السامية، وعطَّلَ المقاصد الراقية لديننا القويم.
وأشار معالي وزير العدل إلى أن ليلة السلام تجدد فينا الرغبة الصادقة لمواجهة ذلك التيار الجارف من العنف والتطرف، وتذكرنا بأن الليل مهما طال فسيعقبه فجر يتنفس بنور الصباح، الذي تتجلى فيه الصورة الجميلة النقية الرائعة للإسلام العظيم، وتتضح فيه حقيقته الإنسانية الأخلاقية الصافية، وإن اعتزازنا بهذا الدين العظيم، وهذه الشريعة السمحاء، يزيد من عزمنا على استمرار البناء لا الهدم، والوحدة لا الفرقة والمحبة لا الكراهية، متسلحين بنور الوحي المبين، مهتدين بقدوتنا وأسوتنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، داعياً المولى عز وجل أن يحفظ مملكة البحرين ويحفظ أمتنا ويديم أمننا وأماننا، ويوفق قادتنا وولاة أمورنا لما فيه خير البلاد والعباد.
بعدها ألقى فضيلة الدكتور إبراهيم بن راشد المريخي رئيس بمحكمة الاستئناف العليا (الدائرة السنية)، كلمة قال فيها: إن هذه ليلة عظيمة خصها الله سبحانه وتعالى بسورة تحدثت عنها ليلة تسمى بليلة القدر، ووفقاً لجمهور علماء الإسلام أنها تصادف مثل هذه الليلة ليلة السابع والعشرين وفي المسألة أقوال كثيرة ذكرها العلماء، مشيراً إلى أن هذه الليلة تحظى بأمر مهم وهو عالم الملائكة، فالحق سبحانه وتعالى قال: "تنزل الملائكة والروح فيها"، وفي هذه الليلة لابد لنا وأن نستحضر جميعاً بقلوبنا فهي ليلة قلوب، وإن الملائكة الكرام تحف مثل هذه المجالس وتسلم في هذه الليلة على كل قائم وجالس وساجد وراكع.
واشار إلى أننا وإن كنا لا نلحظ وجود الملائكة ولا ندركه بالأبصار، فليس كل ما لم يُرى غير موجود، فالجو مملوء بهذه الكائنات التي لا نراها وهي موجودة قطعاً، الجاذبية لا نراها وهي موجودة قطعاً الروح في الجسد لا نراها وهي موجودة قطعاً، فكذلك عالم الملائكة العالم الذي ينزل من السماء على أهل الأرض منحة من الله سبحانه لأمة رسوله الكريم، يسلمون على الخلق، مبيناً أن أصحاب القلوب المريضة ليس لهم حق في هذا الأمر، فالنبي الأعظم أخبرنا في الحديث الصحيح أنه خرج ذات ليلى ليخبر هذه الأمة بليلة القدر فرأى رجلان يتلاحى، فرفعت تخصيص تلك الليلة بسبب أن رجلين تلاحى وهذا فيه إشارة عظيمة على أن المسلم لابد أن يصفي قلبه ويطهره وأن يبعد الضغينة والبغضاء والحسد عنه، لكي يستشعر بهذا اللقاء النازل من السماء الذي لا شك فيه ولا ريب، والملائكة أرواح في أجساد قائمة نورانية تتشكل بالأشكال الحسنة لا توصف لا بذكورة ولا بأنوثة.
ودعا إلى الاكثار من السجود في هذه الليلة المباركة، فالملائكة يستغفرون لنا ويسلمون على المؤمنين القائمين في هذه الليلة، لذلك ينبغي علينا أن نحضر قلوبنا قبل أجسادنا، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد،ألا وهي القلب".
واختتم المريخي قائلاً: إن هذه الليالي عظيمة جداً والمسعود من أدركها، وأوسع الله سبحانه وتعالى في أجله، فلا نفرط فيها، فما هي إلا سويعات قليلات يتجلى فيها الحق سبحانه وتعالى على عباده بالرحمات والرضا والمغفرات، ينزل فيها الروح وهو سيدنا جبريل مع الملائكة إلى هذه الأرض الصغيرة، علمأ أن السماوات كلها ساجدة لله بل الكون كله ساجد لله، كما ذكر عز وجل ذلك في سورة الرحمن، "النجم والشجر يسجدان والسماء رفعها ووضع الميزان"، موضحاً أنه ينبغي على كل إنسان أن يُنقي قلبه من الأحقاد والضغائن والحسد والبغضاء ليدرك من هذه الليلة، ولا مجال لأهل التطرف ولأهل الاحقاد وللحاقدين على المسلمين نصيب في هذا العطاء النازل من الحق سبحانه وتعالى، سائلاً الله تعالى أن يجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
من جانبه قال فضيلة الشيخ فاضل بن حسين فتيل الواعظ بالوزارة إنَّ نزولَ القرآنِ في هذه الليلة العظيمة هو من أكبرِ الدَّوافعِ للتأمل فيه، إذ أَن القرآن الكريم هو الضمانة الكبرى لسعادة الإنسان في هذه الدنيا وفي الآخرة، وإنّ فيه من التوجيهات مالو اتُّبعت لساد الأمن والاستقرار الاجتماعي بين الناس أنظروا لقوله تعالى في سورة فصلت: "ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌّ حميم"، وإن القرآن الكريم يركز على أهمية ِاستتباب الأمنِ ليطمئن الناسُ وتتمَّ العبادة.
وأضاف: انظروا لقوله تعالى في سورة إبراهيم: "وإذ قال إبراهيمُ ربِّ اجعلْ هذا البلدَ آمناً واجنُبني وبنيَّ انْ نعبدَ الأصنام"، فعبادة الله واجتناب عبادة الأصنام تحتاج لبلدٍ آمنٍ بعيدٍ عن العداوات وبعيدٍ عن التحزُّبِ والتطرُّف.. فإنَّ المتطرِّفَ ادعى للسقوط وإنّ السائرَ في وسط الطريق أقربُ للنجاة والوصول، ولقد اختار الله لهذه الأمة طريقَ الوسطيةِ، فقال تعالى في سورةِ البقرة: "وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداءَ على الناسِ ويكونَ الرسولُ عليكم شهيدا" وانظروا إلى سورة القدْر نفسِها، وهذه السورةُ هي شعارُ هذهِ الليلة، ففي قولِهِ تعالى: "سلامٌ هي حتى مطلعِ الفجر" دلالةٌ واضحةٌ على أنَّ هذه الليلةَ هي ليلةُ السلامِ وليلة السِّلم المستمرِّ لألفِ شهرٍ، فشعار هذه الليلة هو السلام المستمر والمتجدد بما يفوق ثمانينَ سنةٍ أي المتوسُّطُ من عمر الإنسان، والمعنى أنّ الإنسانَ يجبُ أن يعيشَ حياتَه كلَّها مسالِماً مع الآخرين. كما أن أميرُ المؤمنين عليُ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام، قال: (لأُسالمنَّ ما سلِمتْ أُمورُ المسلمين)، ومن السلم المحافظةُ على مكتسبات الناسِ وأشيائِهِم وهدوئِهم، وقد قال الله تعالى في سورة هود: "(ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرضِ مفسدين". 
واختتم قائلاً: إننا من هذا المنبر نعلن شجبنا واستنكارنا لكل ما يمت للتطرف بصلة، كما ونشجب وندد بالدول الراعية للإرهاب والداعمة والمموِّلةِ له، فينبغي لنا أن نتكاتف ونتعاون على أن نجعلَ بلدَنا آمنةً مطمئنةً، يسودها الودُّ والتعايشُ السلميُّ، في ظلِّ القيادةِ الحكيمة لصاحبِ الجلالةِ الملكِ حمدِ بنِ عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه، داعياً الجميع للسير على منهج قرآننا العظيم، والتمسك بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.