صبرنا على الأوهام والعجز والتصعيدات الذاتية واليوم دخلنا في مرحلة الوعظ والإرشاد والتدخل في حياة الأفراد وحصر السلوكيات السلبية ومنها قبول المواطن عن طيب خاطر الفوائد الربوية التي تأخذها البنوك، فالسادة النواب خرجوا عن المهام والاختصاصات وقدموا اقتراحا بقانون سيعيد البحرين إلى عصور ما قبل التاريخ “لا قدر الله”، هكذا ودون أدنى فكرة يريدون المواطن أن يخضع لشروطهم وأن يدخلوا البلد في طرقات فرعية ستؤدي إلى كارثة بمعنى الكلمة، وبالرغم من تحذير مصرف البحرين المركزي من إقرار هذا المقترح الذي سيؤدي إلى خروج العديد من المصارف التقليدية الإقليمية والدولية من البحرين، وما سيحدث من انعكاسات سلبية على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي واضطراب القطاع المصرفي والمالي، وخسارة موقع مملكة البحرين كمركز مالي على المستوى الإقليمي، والحد من القدرة التنافسية للمملكة على جذب الاستثمارات الأجنبية، وانخفاض التصنيف الائتماني لمملكة البحرين وارتفاع كلفة الاقتراض والتمويل، علاوة على خسارة الوظائف للبحرينيين وتشتت العوائل، وأيضا هذا المقترح يتعارض مع الحرية الشخصية للأفراد. أقول بالرغم من هذه التحذيرات واستحالة تطبيق الاقتراح إلا أن السادة النواب مازالوا يجلسون في أسفل الباخرة ويحاولون ثقبها وإغراقها بذريعة حمايتنا من “الربا”.
في كل الدول العربية تعمل البنوك الإسلامية بجانب البنوك التقليدية في القطاع المصرفي وللمواطن حرية الاختيار، والبحرين بلد متحرر اقتصاديا ولها سمعة دولية في النظام المصرفي والمالي وللبنوك أنشطة كثيرة تتعلق بتمويل الشركات ومختلف المشاريع والخدمات وتلعب دورا مهما في التنمية ولائحة طويلة أكبر من أن يستوعبها ويفهمها أي نائب، فالمسألة ليست بهذه البساطة ولا تقف عند حد معين، هذا الاقتراح ينفع “للمنتسبين إلى جمعية إسلامية” وعظ وإرشاد وليس لبلد بأكمله اشتهر بمتانة المؤسسات المصرفية ونظامها وتسهيلاتها، وإذا لم تستوعبوا كل تحذيرات مصرف البحرين المركزي ومخاطر اقتراحكم العجيب فحتما لهذه الحركة المقصودة والموقوتة أهداف معينة هضمناها وعرفناها.
أنا أعتقد أن هذه الموجة الجديدة من الاقتراحات امتداد للخيبات السابقة الكبيرة والكثيرة وربما لأول مرة في التاريخ يقول مواطن للحكومة... أنقذونا من النواب فهم “يخربطون” بصورة غير عادية.