+A
A-

"الاستئنافية" تؤيد مجددًا حكم الإعدام للمدان بقتل الشرطي "محمد عاصف"

حكمت محكمة الاستئناف العليا الجنائية برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة وأمانة سر ناجي عبدالله، وبإجماع آراء أعضاء المحكمة بتأييد معاقبة المستأنف الأول والمُدان بقتل الشرطي "محمد عاصف خان" بمنطقة السهلة الشمالية في شهر فبراير من العام 2013؛ بالإعدام.

كما أيدت معاقبة مستأنفان بالسجن المؤبد، فضلاً عن تأييد عقوبة السجن لمدة 10 سنوات الصادرة على 6 مستأنفين آخرين والتي تم تخفيفها في وقت سابق بدلاً عن السجن المؤبد المحكوم عليهم بها من قبل محكمة أول درجة.

وأيدت المحكمة أيضًا معاقبة الشاب المحكوم بالإعدام بالسجن لمدة 5 سنين عن تهمة التعدي ومقاومة السلطات أثناء القبض عليه لعدم وجود ارتباط بين الجريمتين، فضلاً عن عقوبات أخرى للمحكومَين بالمؤبد تراوحت بين 5 و6 سنوات سجن إضافية وغرامة مالية لأحدهما، وأمرت وبمصادرة بقية السلاح الناري الضوئي والذخائر المضبوطة.

ويذكر أن محكمة التمييز نقضت في شهر ديسمبر من عام 2015 الحكم بحق الطاعنين، وجاء في حيثيات حكمها أن الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ردًّا سائغًا يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي وقع عليه الإكراه أو يكون قد وقع على غيره من المتهمين مادام الحكم في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف.

وتابعت، إن الاعتراف الذي تعتد به يجب أن يكون اختياريًا ولا يعتبر كذلك -ولو كان صادقًا- إذا حصل تحت تأثير الإكراه أو التهديد أو الخوف الناشئ عن أمر غير مشروع كائنًا ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، فكان يتعين على المحكمة وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعنين الخامس والتاسع كان نتيجة إكراه أدبي ومادي تمثل فيما أصابهم من الأذى الذي قام عليه الدليل، من وجود إصابات عديدة ومتفرقة في أنحاء الجسم بهما.

وأشارت إلى أن المحكمة يجب أن تتولى هي تحقيق دفاعهما وتبحث هذا الإكراه وسببه وعلاقته بأقوالهما، فإن هي نكلت عن ذلك واكتفت بقولها القاصر إنها لا ترى دليلاً كافيًا على الإكراه وتأثيره في الأقوال لدى جهات الاستدلال أو التحقيق، كل ذلك دون أن تعرض للصلة بين الإصابات -وخاصةً الواردة بالطاعنين الخامس والتاسع- وبين الاعترافات التي عوّلت عليها، فإن حكمها (محكمة الاستئناف) يكون قاصرًا متعينًا نقضه ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى؛ وذلك لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.

وذكرت محكمة أول درجة في حيثيات حكمها أن الواقعة التي توصلت لها بعد مداولة القضية، أنه في يناير من العام 2013، استولى المتهم التاسع على سلاح ناري ضوئي "مسدس إرشاد" حال وجوده بشركة الملاحة التي يعمل فيها، وذهب به إلى منزله، وعند رؤية شقيقه "المتهم الأول" للسلاح طلبه منه فأعطاه إياه.

وفي يوم 14/2/2014، التقى المتهمون الأول والثاني والخامس والسادس والسابع والثامن بمنطقة السهلة الشمالية، واتفقوا على استهداف رجال الأمن بالحجارة والأسياخ الحديدية و"المولوتوف" والسلاح الناري القاتل بطبيعته، والذي كان بحوزة المتهم الأول بقصد قتل من يتمكنون من قتله، وحال قيامهم بأعمال الشغب وإلقاء  العبوات الحارقة "المولوتوف" على الشرطة انضم لهم المتهم الرابع، وكان السلاح بحوزة المتهم الأول حينها، وقاموا جميعًا باستهداف رجال الشرطة بالمولوتوف والحجارة، فأطلق عندها المتهم الأول قذيفة من السلاح ناحية رجال الشرطة، مما أدى لإصابة المجني عليه "محمد عاصف خان" في بطنه مخترقةً جسده.

واستقرت الطلقة أعلى حوض المجني عليه وانفجرت بداخل جسمه فأودت بحياته، وتمكن مرافقوه من تفادي الاصابة.

وبإجراء التحريات التي أسفرت عن هوية المتهمين، استصدر رجال الشرطة أوامر ضبط وإحضار للمتهمين من النيابة العامة، وحال تنفيذ أمر القبض على المتهم الأول، وبعد إعلامه به وبصفة مأموري الضبط، بادر بمقاومتهم لمنع القبض عليه محاولاً الهرب بالقوة، إلا أنهم تمكنوا من الإمساك به ووضع القيد بيده.

وأوضحت المحكمة أنها وبعد مداولتها للدعوى فإن الواقعة قد استقام الدليل على صحتها من اعترافات المتهمين 2 و3 و4 و9 على أنفسهم وباقي المتهمين بتحقيقات النيابة العامة، وما شهد به رجال الشرطة المرافقين للمجني عليه بتحقيقات النيابة وأمام المحكمة، ومما شهد به الطبيب الشرعي أمام المحكمة والذي سمعته استجابةً لطلب الدفاع بالاستماع إليه ومكنت الدفاع من سؤاله رغم عدم ذكر اسمه بلائحة النيابة العامة.

وبينت أنها عولت في الإدانة على ما جاء بأقوال المتهمين بمحاضر الاستدلالات، وما ثبت بتقرير الطبيب الشرعي بشأن تشريح جثمان المجني عليه، وتقارير مختبر البحث الجنائي ومسرح الجريمة.

وأشارت المحكمة إلى أن المتهم الرابع قد اعترف أنه شاهد المسيرة فشارك بها، ولم يكن يعلم أن قصد المتجمهرين قتل الشرطة، في حين ذكر أفراد الشرطة المرافقين للمجني عليه أن المتجمهرين استهدفوهم، وأثناء ذلك أصيب المجني عليه وشاهدوا النيران تخرج من جسمه، فتم نقله للمستشفى إلا أنه فارق الحياة.

وبسؤال مدير الأمن والسلامة بشركة الملاحة التي يعمل فيها المتهم التاسع، قرر أن الشركة لديها عدد كبير من الأسلحة "قواذف الإشارة الضوئية" ويصعب حصرها، وبين أن المتهم التاسع عامل شحن وتفريغ في الشركة، وقد حضر ذات يوم مع الشرطة وأرشدهم للسفينة التي سرق منها السلاح.

من جهته ذكر الطبيب الشرعي في شهادته أمام المحكمة، أن السلاح له تأثير قاتل إذا ما أطلق من مسافة 140 متر، ومن المتصور حدوث الإصابة الموجود بالمجني عليه من هذا السلاح وفقًا لأقوال الشهود، كما ثبت بتقرير الطبيب الشرعي أن إصابته حدثت باستخدام إحدى مقذوفات سلاح إشارة ضوئي، اخترق جسم المجني عليه وانفجر بداخله، وثبت أيضًا من تقرير المختبر الجنائي احتواء عينات دم المجني عليه وجسمه على عناصر (الكربوهيموجلوبين والصوديوم والبوتاسيوم والمغنسيوم والكالسيوم) واحتواء المقذوف المستخرج من جسم المجني عليه على ذات المواد، إضافة لاحتوائه على (نترات البوتاسيوم) وهو من المفرقعات وفق قرار وزير الداخلية رقم 23 لسنة 1985م، وأن هذا المقذوف مما يستعمل في قذائف الإشارة الضوئية المستخدمة في الإغاثة والإرشاد.

وقالت المحكمة أنه قد ثبت بتقرير المختبر الجنائي احتواء موقع الحادث على بقايا قناني زجاجية حارقة بها آثار مادة الجازولين والكلور وجميعها من المفرقعات، إضافة لاحتواء موقع الحادث على بقايا طلقتين من نفس النوع المستخدم في إصابة المجني عليه التي أودت بحياته.

وثبت للمحكمة أن المتهمين بتاريخ 14/2/2013، المستأنفين من الأول حتى الثامن، أولاً: اشتركوا مع آخرين مجهولين في تجمهر في مكان عام مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص، الغرض منه الإخلال بالأمن العام والاعتداء على الأشخاص ومقاومة السلطات، ثانيًا: قتلوا مع آخرين مجهولين موظفًا عامًّا وهو الشرطي محمد عاصف خان عمدًا مع سبق الإصرار وباستعمال مادة مفرقعة، وأعدوا لهذا الغرض سلاح الخرطوش وقاذف إشارة ضوئية واستدرجوا المجني عليه، وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه طلقة من السلاح، وقد اقترنت هذه الجناية بجريمة أخرى، وهي أنهم في المكان والزمان ذاتيهما شرعوا مع آخرين في قتل رجال الشرطة، وحازوا وأحرزوا عبوات قابلة للاشتعال.

كما ثبت أن المستأنف التاسع أنه، أولاً: اشترك مع المستأنفين من الأول إلى الثامن تهمة قتل الشرطي وساعدهم وأمدهم بقاذف وتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة، ثانيًا: سرق سلاح الخرطوش من شركة للملاحة حال كونه من العاملين بها وذلك تنفيذًا لغرض إرهابي.

ووقر في يقين المحكمة أن المستأنفَين الأول والتاسع، أولاً: حازا وأحرزا سلاح الخرطوش والقاذف الضوئي من دون ترخيص، ثانيًا: حازا وأحرزا من دون ترخيص من وزير الداخلية مواد، مما تعتبر بحكم المفرقعات.

وأخيرًا ثبت أن المستأنف الأول استعمل القوة والعنف مع موظفين عموميين بنية حملهم بغير حق على الامتناع عن أداء مهماتهم.