+A
A-

إلزام "البلديات" بتعويض مالك قطعة أرض استملكتها واستغنت عنها بمليونين و800 ألف

بالرغم من صدور قرار باستملاك أكثر من ثلثي قطعة أرض للمنفعة العامة في منطقة سترة "القَرْيَة"، وقرار لاحق بالاستغناء عن استملاك القطعة ذاتها، ما أدى إلى عدم انتفاع المالك بالأرض المذكورة فضلاً عما تسبب به القرار من عزل الجزء الآخر عن الجزء المُستَمْلَك.

فقد حكمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برئاسة القاضي جمعة الموسى وعضوية كل من القضاة محمد توفيق وطارق عبدالشكور ومحمد الدسوقي وأمانة سر عبد الله إبراهيم، بإلزام وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني؛ بأن تؤدي لمالك قطعة الأرض المذكورة، مبلغًا يصل إلى حوالي مليونين و800 ألف دينار كتعويض عما أصابه من أضرار وتعويضًا عن كامل قطعة الأرض، كونه قد حرم من الانتفاع بباقي قطعة الأرض بعد استقطاعها وعزلها، كما ألزمتها بالمصاريف ومبلغ 20 دينار مقابل أتعاب المحاماة.

وذكرت المحكمة إن وقائع الدعوى تتحصل في أن المدعي -مالك الأرض- قد أقام دعواه بلائحة قيدت بتاريخ 26/5/2008، والتي ذكر فيها أنه يمتلك قطعة الأرض الكائنة في منطقة القرية من سترة، وبتاريخ 4/12/2006 أصدرت وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني قرارًا باستملاك جزء من الأرض المملوكة له، وفي 20/3/2007 قدرت هيئة التثمين التعويض عنها بمبلغ (75 دينار و348 فلسًا) للمتر المربع.

وقد اعترض المدعي على هذا التثمين، وبناءً عليه أصدر المدعى عليه بصفته قراره بتعديل التعويض للمتر المربع ليصبح (107 دينار و640 فلسًا)، وحيث أن كلا القرارين قد صدرا باطلين لكون قرار الاستملاك صدر مشوبًا بالتعسف لصدوره باستملاك جزء من أرض المدعى، مما ترتب عليه حبس الجزء الداخلي منها مما يتعين معه إلغاؤه بكافة آثاره.

وأضاف أنه لما كان هذا القرار لم ينفذ حتى تاريخ رفع الدعوى ويخشى من تعذر تدارك آثاره، مما يقتضى وقف تنفيذه بصفة مستعجلة لحين الفصل في الموضوع، أما قرار التعويض فإن المحكمة الدستورية قضت بتاريخ 26/3/2007، بعدم دستوريته أحكام المرسوم بقانون رقم 8 لسنة 1970 المعدّل بالمرسوم بقانون رقم 24 لسنة 1975 بشأن استملاك الأراضي للمنفعة العامة، ومن هذا التاريخ الأخير أصبح ذلك المرسوم بقانون غير قابل للتطبيق.

وطالب المدعي الحكم له بالآتي:

1-   بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار الاستملاك المطعون عليه والصادر في العام 2006، لحين الفصل في موضوع الدعوى.

2-   وفي الموضوع: بإلغائه بكافة آثاره وبأثر رجعي واعتباره كأن لم يكن، وبإلغاء قرار التعويض المطعون عليه بكافة آثاره وبأثر رجعي واعتباره كأن لم يكن، وندب لجنة خبراء من قبل المحكمة لتقدير قيمة الأرض كاملة وفقًا لسعرها السوقي الحقيقي ومن ثم الحكم بالتعويض العادل المستحق عنها بأكملها.

وأوضحت المحكمة أنه قد تداول نظر الدعوى أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 30/12/2008 قضت المحكمة بهيئة مغايرة بالآتي:

أولاً: برفض الطلب الأصلي للمدعي وبسقوط حق المدعي في الشق الأول من الطلب الاحتياطي لفوات الميعاد المقرر قانونًا، والزمت المدعي مصروفات هذين الطلبين.

ثانيا: وقبل الفصل في موضوع بالشق الثاني من الطلب الاحتياطي في الدعوى الماثلة بندب الخبير الهندسي خبيرًا في الدعوى.

ولفتت إلى أن الخبير قد باشر المأمورية وأودع تقريره الذي انتهي فيه إلى الآتي، أن العقار محل التداعي للمدعي مساحته تبلغ 9448 متر مربع، وأن قرار الاستملاك قدر صدر بشأن الجزء الشمالي من العقار ويبلغ مساحته 6461 متر مربع، أما الجزء الجنوبي غير المستملك فيبلغ 2987 متر مربع، وقد بات محبوسًا لا يمكن الاستفادة منه بأي شكل من الأشكال.

وأفاد الخبير أن التعويض الجابر للضرر الذي لحق المدعي من جراء عدم تمكنه من استغلال واستثمار عقاره يقدر بمبلغ 2 مليون و796 ألفًا و695 دينارًا، وعلى أقل تقدير، بواقع 35 دينار للقدم المربع، وأن العقار المستملك قد صدر الاستغناء عنه لعدم لزومه لأعمال المنفعة العامة.

وبينت المحكمة أنها لما كانت تطمئن إلى ما انتهي إليه تقرير الخبير لكفاية أسبابه وسلامه الأسس التي بني عليها فخلص منها إلي نتيجة سليمة تتفق مع ما جاء بالأوراق ومن ثم فإنها تأخذ به محمولاً على أسبابه فيما انتهي إليه من تقدير التعويض المستحق عن كامل أرض التداعي على الرغم من أن القرار الصادر بالاستملاك قد انصب على جزء من الأرض قدره 6461 متر مربع، إلا أن الثابت من تقرير الخبير أن المساحة المتبقية وقدرها 2987 متر مربع، وقد أدى القرار الصادر من المدعى عليه باستملاك الجزء الشمالي من الأرض إلى حرمان المدعي من إمكانية الانتفاع بها بأي شكل من الأشكال مما يستوجب التعويض عنه بذات القيمة المقدرة لسعر المتر المربع للأرض المستملكة ولكن كبدل انتفاع، ومن ثم فإن المحكمة تقضي للمدعي بالتعويض عن كامل الأرض موضوع التداعي كبدل استملاك للجزء الصادر به القرار وكبدل انتفاع عن باقي الأرض.

وأشارت إلى أنه لما كان الثابت أن المدعى عليه قد أودع للمدعي مبلغ التعويض الذي قدرته هيئة التثمين بعد تعديل قرار اللجنة بناء على تظلم المدعي وهو مبلغ (695 ألف و462 دينارًا و40 فلسًا) بموجب الشيك المقدم صورته بمذكرة المدعى عليه، ومن ثم فان مبلغ التعويض المقضي به يكون متضمنًا المبلغ المودع سالف البيان.

وأكدت على أنه لا ينال من ذلك ما قرر به المدعى عليه من صدور قرار بإلغاء استملاك جزء من الأرض المملوكة للمدعي لصالح المدعى عليه وصدور قرار آخر باستملاك كامل الأرض لصالح وزارة الإسكان برقم 37/2013، ذلك أن طلبات المدعي قد انصبت علي القرار رقم 638/2006، وقد ثبت للمحكمة أن المدعى عليه قد حرم الانتفاع من كامل أرضه بموجب ذلك القرار الصادر من المدعى عليه مما يستوجب تعويضه عن كامل الأرض.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه -وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني- بأن يؤدي للمدعي مبلغًا وقدره 2796695 دينار (مليونين وسبعمائة ستة وتسعون ألف وستمائة خمسة وتسعون دينارًا) متضمنًا ما تم إيداعه لحساب المدعي كتعويض بموجب شيك، وألزمت المدعى عليه بالمصاريف ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.