+A
A-

الأختام الدلمونية شاهدة على عراقة مهنة الساقي

سكـان البحريــن القدماء حكماء في إدارة المياه

النسـاء نقلـن الميــاه بواسطــة القرب والجرار

ابتكر البحرينيون أسلوبًا خاصًا لحفر القنوات

 

قال الباحث التاريخي عبد العزيز صويلح إن التغير المناخي أدى إلى جفاف الكثير من المياه الطبيعية في البحرين، ونزوح السكان باتجاه المنطقة الشمالية من المملكة؛ لتوافر الماء بها. وأشار في حديثه لـ “البلاد” إلى أن الباحث الأجنبي كارتس لارسن قام في العام 1973 بعمل مسح لعيون المياه الطبيعية في البحرين، من رأس البر وحتى باربار، فوجد أن العديد من تلك العيون تعرضت للجفاف.

وأكد أن أهل البحرين في العصور الحجرية سكنوا المناطق الجنوبية من البحرين، إلا أن التغيرات المناخية أدت إلى نزوحهم نحو الشمال، وتخلي الكثير منهم عن أراضيهم الزراعية.

وذكر أن الماء يشكل أبرز عوامل نشوء الحضارات، فحول مصادر ومنابع المياه نشأت حضارات بلاد الرافدين ومصر الفرعونية وغيرها.

وأشار إلى أن الماء كان السبـــب الرئيــس وراء نشوء حضارة دلمون في البحرين، والكثافة البشرية التي شكلت هذه الحضارة.

ولفت إلى أن حضارة دلمون التي نشأت في مناطق شرق شبه الجزيرة العربية وجزر البحرين الحالية، عرفت بانتشار عيون المياه الطبيعية فيها، ومن أبرزها وأشهرها في البحرين والتي استمر تدفق المياه فيها هي عين عذاري وعين قصاري وعين أم السجور وعين أم شعوم وغيرها.

وأضاف أن سكان البحرين حينها كانوا يعتمدون على هذه المياه؛ لتلبية أغراض الشرب والأنشطة الزراعية، التي كانت تسير بشكل متوازٍ مع نشاط النقل البحري.

 

إله المياه

وتابع أنه ولكثرة العيون في البحرين آنذاك، خصص أهل ذلك الزمان إلهًا للمياه العذبة، أطلقوا عليه اسم الإله أنكي، وخصص معبد باربار لعبادة هذا الإله؛ وذلك انطلاقا لما مثلته عين المعبد من منبع أساس للمياه في البحرين.

وتطرق إلى الحديث عن عين أم السجور في الدراز، التي خلصت أعمال البحث والتنقيب إلى وجود ينبوعين لها، ووجود إدارة تتحكم في توزيع المياه لري المزارع في المنطقة الشمالية لمملكة البحرين، وذلك يثبت أن طريقة توزيع المياه ذلك الوقت لم تكن عبثية.

وأشار إلى أن هذه العين تتفرع منها مجموعة من القنوات الطبيعية للمياه، بحيث يتدفق منها من خلال الضغط الطبيعي وتتفرع منها على مستويات مختلفة من تلك العيون.

ولفت إلى أنه حتى فترة ما قبل الإسلام، ابتكر أهالي البحرين أسلوبا خاصا بهم لحفر القنوات؛ للاستفادة من تلك العيون في المناطق الأخرى، وذلك عبر حفر قنوات أرضية منحدرة، تحافظ على سرعة وقوة تدفق المياه.

وبين أن أعمال البحث والتنقيب وجدت أن هذه القنوات تمتد من عين أم السجور في الدراز حتى قرية صدد.

وأشار إلى أنه وبسبب وفرة المياه اشتهرت المملكة بأنواع من الزراعات كزراعة القمح والذرة.

 

الآبار الارتوازية

وأضاف أن أهالي البحرين حتى بداية السبعينات، كانوا يعتمدون على الآبار الارتوازية كمصدر للتزود بمياه الشرب، حيث ساهم في حفرها الوجهاء، ومن كانت لهم القدرة المادية اللازمة لحفرها.

وبين أن الأهالي كانوا يتزودون من هذه المياه بواسطة الساقي، الذي كان يستعمل وسائل الكندر الذي يحمل على الكتف، أو العربة، لنقل المياه للأهالي.

ولفت إلى وجود ساقيات أيضا يقمن بحمل الماء عبر القرب أو الجرار التي تحمل على الرأس.

وذكر أن أهالي القرى الساحلية كانوا ينقلون الماء من “الچواچب” البحرية المتواجدة على السواحل، بالإضافة إلى الموجودة داخل البحر التي يستفيد منها الغواصون، مبينا أن الجواجب هي عبارة عن ينابيع للمياه العذبة.

ونوه بدور “الچواچب” التي تقع وسط البحر في توافر أجود أنواع اللؤلؤ في البحرين، كما ذكرت بعض الدراسات.

ورأى أن البحرين باتت بحاجة لتطوير آليات تصفية وتنقية مياه البحر والاستفادة منها، وتوفير البديل في حال تعرض محطات التحلية الموجودة إلى أي حادث.

وأشار إلى أن أعمال التنقيب والبحث عثرت على أختام رسمية تعود إلى عصر دلمون، مرسوم عليها صورة الساقي.

وذكر أن هذه الأختام تدل على وعي أهل ذلك الوقت بأهمية الحفاظ على المياه، حيث خصص لمهنة الساقي ختم رسمي بمثابة تصريح لممارسة المهنة.