العدد 2977
الخميس 08 ديسمبر 2016
banner
ما يحدث في سوريا بعيد عن العقل والمنطق
الخميس 08 ديسمبر 2016

فعلا وبدون مزايدة هنا أو هناك، ما يحدث على الأرض السورية - وخصوصا مناطقها الشمالية وهي بالمناسبة من أحلى مناطق سوريا - لا علاقة له لا بالمنطق ولا التفكير العقلي من قريب أو بعيد، بل هو بعيد عن الإنسانية والدين والمواطنة، فلا يهم توجيه الاتهام لهذه الجهة أو تلك، فهذا أمر لا يفيد الإنسان في سوريا شيئا بقدر ما يهمه ما يجري من حوله وما حول حياته إلى عذاب لا يفهمه أو يعيه إلا من يعيشه، فالوصف لا يستطيع تصوير المآسي التي يعيشها الإنسان العربي المسلم هناك منذ سنوات.

يمكن أن نتفهم من يقول إن النظام السوري نظام مقاوم ضد العدو الصهيوني وما يحدث حوله جزء من مؤامرة على النظام، ويمكن مناقشته في هذا الأمر، كما يمكن تفهم من يقول إنه نظام تسلطي ديكتاتوري منع الحرية والرأي الآخر ومارس القمع والتنكيل بالشعب السوري لأكثر من أربعة عقود، وعلى الجانب الآخر يمكن أن نتحدث مع من يقول إن ما يحدث هو ثورة شعبية ضد النظام الظالم قام بها الشعب مناديا بالحرية والعدالة والمساواة والكرامة، كما يمكن تفهم موقف من يقول إن المقاتلين في سوريا ضد النظام هم مرتزقة أتوا من بلاد كثيرة يريدون تدمير سوريا وإنهاء مقاومتها لعدو الأمة الحقيقي.

كل تلك المتناقضات يمكن تفهمها والتحاور مع متبنيها ومناقشته فيها حتى يمكن الوصول إلى الحقيقة الغائبة أو المغيبة ولكن حتى نصل إلى الحقيقة يكون الشعب السوري قد انتهى وتحول إلى جثث تملأ شوارع حلب وغير حلب من بلاد الشام، وتكون الأرض السورية قد تم نهبها وتحويلها إلى أطلال لا تصلح إلا للقصائد الشعرية والنواح لا أكثر.

إلا أن ما لا يمكن فهمه أو قبوله أو السكوت عنه هو ما يجري حاليا هناك، وبالذات في الشمال العربي السوري، ما لا يمكن فهمه أو قبوله هو القتل المتتالي للإنسان العربي السوري بلا ذنب ولا جريمة ارتكبها إلا كونه يحمل الهوية السورية ويعيش على الأرض السورية، ما لا يمكن فهمه أو قبوله هو السكوت المبهم من قبل الكثيرين ممن لديهم القدرة على التغيير أو وقف هذا القتل، بل نشعر أنهم يريدون المزيد منه والتمادي فيه، فليس المهم من يمارس القتل، سوريا أو روسيا أو المليشيات الكثيرة، أو التيارات المقاتلة تحت شعار الثورة كالجيش الحر أو جبهة النصرة أو داعش أو الفصائل الأخرى، ولكن المهم في هذا السياق أن هناك قتلا يجري وأنه من المهم وقف ذلك القتل قبل البحث عن السبب الذي يمكن البحث فيه لاحقا بعد أن يأمن الإنسان هناك على ذاته وأهله ووطنه، هذا هو المهم الآن، ولكن هل هناك من يريد أن يفهم أو يفعل... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية