هل من الممكن أن تفقد البحرين مكانتها الريادية بين الأمم في الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين؟ هل يملك بعض المسؤولين الحس الذي تتماشى معه متطلبات مرحلة ترشيد الاستهلاك مقارنة باحتياجات الوطن؟

أعتقد أن لدينا مثالاً يجيب عن سؤالنا هذا، فعندما نعلم أنه يوجد 27 ألف طلب حجز موعد طبي عن طريق الهاتف في شهرين غير الزيارات الاعتيادية بالإضافة إلى الطوارئ، فنعلم أن هذا القطاع يرزح تحت الضغط، فعندما يتم تخفيض عدد الأطباء في المراكز الصحية والذي أدى لضغط متنامٍ على المراكز والأطباء الذين يعانون الأمرّين من حيث زيادة عدد المرضى ووطأة الغلاء المعيشي الذي صاحبه إلغاء العديد من الامتيازات مثل بدل ساعات العمل الإضافية وزيادة عدد المرضى نظراً لقلة عدد الأطباء في بعض الأوقات، مما قد ينتج عنه قصور في التشخيص، فالنهاية هم بشر لا يلامون. فكيف ننكر عليهم الأثر النفسي الناتج عن الأزمة المالية التي يمر بها العالم وليس البحرين وحدها؟

وجاء قرار صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بسرعة توظيف عدد من الأطباء تجاوبا وإحساساً فطنا عهدناه في سموه. فيجب أن يكون الترشيد راشداً لا يمس القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطن.

فدائما نشعر في قرارات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بقدرته على تلمس حاجة الوطن والمواطن التي تتماشى مع الشعور بالمسؤولية تجاه هذا البلد المعطاء، والذي نتمنى من الجميع أن يجعله قدوة له وأن يوازن بين الإمكانات والاحتياجات بالشكل الأفضل.

وطالعتنا الصحف بأنه سيتم رفع قيمة الخدمة الطبية للمقيمين إلى 7 دنانير للكشف دون الدواء. إن قطاع العمالة البسيطة والمتوسطة هي التي تزور المراكز وهؤلاء رواتبهم ضعيفة، فهل سينعكس إيجابا لمصلحة الوطن؟ فهذا العامل البسيط هو الذي يعمل في قطاعات خدمية عديدة، فسيضطر للجوء للمستشفيات الخاصة التي تكشف بـ 3 و5 دنانير وستكون أوفر له، ولكن هل سنستطيع السيطرة على الإجازات المرضية غير المبررة التي قد تصدر من بعض العاملين في القطاع الخاص، هل سيؤدي هذا لزيادة التكلفة على أصحاب العمل أم سيواكبه تأمين صحي يقنن هذه المسألة؟

نتمنى دراسة القرار من جميع الجوانب، فإن أي قرار في أي اتجاه يجب دراسته دراسة مستفيضة من جميع الاتجاهات، فلن تكون دراسة الأثر المالي المباشر وحده كافية، إذ توجد آثار اقتصادية غير مباشرة يجب أن ننتبه لها، وأيضاً يجب ألا نغفل البعد الاجتماعي لأي قرار.. فأتعجب من البعض الذين ينادون بأن المرحلة المقبلة صعبة. منذ متى لم تمر البلاد بمرحلة غير صعبة؟ كل المراحل التي تمر بها البلاد تحتاج أن يكون القرار في محله وإلا سينعكس بالسلب ويؤثر على المراحل التي تليه.

ولا ننكر على العاملين في قطاع الصحة جهودهم الجبارة ولكننا نتمنى الأفضل لوطننا. فالجهد المبذول يجب أن يكون في الطريق الصائب وإلا انعدم نفعه.

تحية خاصة

تحياتي إلى المرأة البحرينية في عيدها، فهي الشريك المعين على وحشة الحياة وبناء الوطن، فأثبتت أنها ليست مثالاً للأمومة فقط، بل هي عطاء لا ينضب وهي شريان الحياة الذي يضخ في أوصالنا لكي نستطيع أن نقف منصوبي القامة.