العدد 2926
الثلاثاء 18 أكتوبر 2016
banner
من تركيا إلى الموصل
الثلاثاء 18 أكتوبر 2016

في سياق حديث الأمس عن التدخل التركي في العراق يمكن القول إن هناك أمرا يتم تدبيره للموصل أكبر المدن العراقية بعد بغداد، وربما أهم المدن العربية في العراق، وتركيا كما تقول تقاتل الإرهاب في الموصل الذي فتح له الجيش العراقي الباب ليحتل الموصل وغيرها من قبل، وسبب دخول القوات التركية هو أكراد العراق والحشد الشعبي، والقوتان تستعرضان العضلات ضد عرب العراق في المنطقة الغربية وتمارسان التصفية والتهجير الممنهج لأهلها وهو ما يجعل العبادي وغيره من طائفيي العراق يرون في تدخلها أمرا مرفوضا ولا يمكن قبوله.
شخصيا لست مع السيد أردوغان ولا مع أي تدخل غير عربي في أرض عربية، ولكن في نفس الوقت من الصعب قبول ما يجري لعرب العراق حاليا على يد حزب الدعوة عراقي الجنسية وإيراني الهوية والانتماء، ومعه قوات الحشد الشعبي التي أصبحت في غضون عام واحد فقط أقوى من الجيش العراقي، كما يدعي القائمون على تلك القوات، والتي لم تتشكل إلا بعد تسليم الموصل لما يسمى “داعش” من قبل الجيش العراقي، وكأنه مسار مرسوم لتصفية قوى المعارضة العراقية وتغيير هوية المنطقة الغربية من العراق.
سيناريو واضح حيث يتم من خلاله تسليم المنطقة لداعش، ثم تتشكل قوات الحشد الشعبي، بعد ذلك تقوم هذه القوات بمسرحية تحرير المنطقة ومن خلال التحرير تجرد أبناء تلك المنطقة من قوتهم وأرضهم واستقلالهم، ثم إتباع ذلك للقرار الإيراني المهيمن حاليا على العراق، وإلا فما الذي يمنع مشاركة قوات تركية في عملية التحرير مع وجود قوات كثيرة ومن دول عديدة تشارك في العملية وعلى رأسها الحرس الثوري الإيراني وقادته، فهل الحرس الثوري الإيراني أكثر عطفا وإشفاقا على عرب العراق وأكثر حرصا على وحدة الأرض العراقية من الأتراك أم ماذا؟
ما نعرفه أن تركيا لم تدخل حربا مع العراق كما هو الحال لدى إيران، وما نعرفه أن علاقة تركيا مع العراق على مدى التاريخ كانت علاقة حسنة على العكس من فارس، وما نعرفه أن تركيا لم تمارس القتل والتنكيل بطياري وعلماء العراق كما فعلت إيران بالتعاون مع قوات الاحتلال الأميركي، فكيف بعد ذلك تستدعى بلاد فارس للعراق ويستنكر وجود تركيا، فمادامت أراضي العراق مفتوحة لكل من هب ودب يعيث فيها فسادا فلماذا لا تدخل تركيا لعلها تساهم في وقف المهازل التي تحدث، مع أننا لا نرى ذلك.
نعود ونقول إننا مع حرية واستقلال العراق وشعبه استقلالا تاما، ولكننا لسنا مع عراق تابع لفارس خاضع لإرادتها وقرارها، مع عراق عربي الهوى والانتماء وليس فارسي الهوى والانتماء، عراق يعمل على تحقيق الأهداف القومية العربية وليس المطامع الإيرانية تحت ذريعة مذهبية تقسيمية، عراق لكل العراقيين وليس لأتباع فارس دون غيرهم، هذا ما نتمناه ونريده.. والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية