العدد 2899
الأربعاء 21 سبتمبر 2016
banner
من علينا أن نصدق؟
الأربعاء 21 سبتمبر 2016

قد تكون المعارك في سوريا هدأت قليلا، ولكنها لم تتوقف كما تقول الأخبار، بل ربما الاتفاق الروسي الأميركي حول الهدنة في سوريا كان يحمل في طياته دعوة لمواصلة القتال بصورة أو بأخرى حين يعمل على الفصل بين مسميات المعارضة ما بين معارضة وطنية أو تنظيمات إرهابية دون وضع معايير لهذا التصنيف، وهو ما يجعل اليد مفتوحة لكل طرف ليحدد ما يريد ويقصف من يريد على أساس أنه يقصف منظمات إرهابية.
أخيرا مارست الولايات المتحدة الأميركية أسلوبها المعتاد في كل مكان وقصفت طائراتها القوات السورية ثم بادرت للإقرار بأن ذلك حدث عن طريق الخطأ (ظنا!) منها أنها تقصف قوات من تنظيم الدولة الإسلامية، هذا القصف ذهب ضحيته العشرات من جنود الجيش السوري ومع ذلك لا تستحق هذه الأرواح الاعتذار من قبل أميركا التي ترى نفسها فوق الجميع ولا يحق لأحد مساءلتها عما تفعل.
مجلس الأمن الدولي هو الآخر ضائع في هذه الاتفاقية، وكان قد ألغى اجتماعا خاصا لمناقشتها حيث إنه لم يتمكن من ذلك لأن الولايات المتحدة الأميركية رفضت الإفصاح عن بنودها السرية بالرغم من موافقة روسيا على ذلك، ولا نعلم عن أحقية الدولتين في وضع بنود سرية في اتفاقية بينهما لا تخصهما ولكنها تخص دولة أخرى وكأن هذه الدولة غير منتمية ولا شرعية لها، وذلك بالرغم من معرفتنا أن روسيا ليس لها في نظام المؤامرات كما للدولة الأخرى “أميركا” التي تعيش على العمل المؤامراتي حتى داخليا وليس خارجيا فقط.
أميركا تقول إن اتفاقية الهدنة تم خرقها مرات عديدة وإن روسيا لا تقوم بما عليها في الاتفاقية، وروسيا هي الأخرى تردد نفس الكلام وتقول إن خروقات كثيرة حدثت وأميركا لا تقوم بما عليها في الاتفاقية خصوصا في ما يخص إنشاء مركز المتابعة المشترك بينهما والمعلومات التي لديها عن تنظيم الدولة والتي عليها وضعها للطرفين وستساهم في العمل المشترك بينهما لمحاربة “داعش” (مع أننا نشك كثيرا في محاربتهما له أو على الأقل محاربة الطرف الأميركي له)، فالواقع يقول عكس ذلك.
من علينا أن نصدق، أميركا التي هيأت أو أوجدت الحرب على الأرض السورية وتركت المعارضة السورية الحقيقية بلا داعم وأوجدت بذلك الفوضى في سوريا وجعلت الجميع يحاربون الجميع على أمل خدمة العدو الصهيوني، أم روسيا التي تركت كل شيء منذ البداية ثم هبت فجأة لنجدة النظام حين آل للسقوط منذ عامين تقريبا وأدركت أنها ستفقد بسقوطه كل ما لديها في المنطقة، والنتيجة التي نفهمها من كل ذلك أنهما لا شأن لهما بالشعب السوري المتناثر حاليا بل بمصالحهما في المنطقة، من نصدق... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية