قريبا سيعود النواب إلى المجلس، بعد الإجازة، ولكن السؤال الذي يطرحه المواطن، هل سيبقى التنافر أو الصراع بين البعض، ومظاهر الصراخ والقصائد الهائجة، أم سيتوصل هؤلاء النواب في النهاية إلى قناعة بأن التقلبات المزاجية واستعراض العضلات ولهجة الوعيد لن تفيد المواطن في شيء. هذا المواطن الذي أصبح كثير المراقبة لتصرفات وسلوك النواب ومازال يشعر بإحباط عميق لأنه لم يلحظ أي تغيير جاد حقيقي في سلوك عدد من النواب، وكثيرا ما كان يبحث لنفسه عن جهة أخرى تعينه على أموره في مختلف القضايا.
هل ستنتهي مهرجانات عدم السيطرة على الأعصاب والعمل الفارغ والمواقف العمياء والسواد الذي يلف كل شيء والإلحاح على احتدام المعركة بين هذا وذاك؟ هل ستستمر أنشودة البحث عن الشهرة وابتلاع الآخرين “بالصراخ والثرثرة” والحساسيات وملء صفحات الجرائد بالصور والديكورات؟
متى سيعرف النائب أن المواطن يلازمه مثل ظله ويراقب حركاته وسكناته ويعرف رصيده من العمل والظروف والمواقف التي يتخذها ولا مجال للانزواء والهروب “والشردة” كما فعل بعضهم، والأسماء التي أدارت ظهرها للمواطن وحاصرتها الهزيمة معروفة ولن ينفعها البحث عن التبريرات وإخفاء التجاعيد ولا حتى تكوين ملامح جديدة تبعدها عن محاكمة المواطن العلنية.
يخيل إلي أن العمل الوطني وخدمة الناس عند بعض النواب أشبه بالهيكل المكشوف، أو أشعة مصباح يريدون اصطيادها بإطلاق الأسهم. لغز قديم لا يستطيع دماغ الإنسان حله. وصلوا إلى المجلس لنيل الثراء والتمتع بالامتيازات والارتفاع بالأرصدة في البنوك، ولو نقبنا في المراجع لوجدنا أن رصيدهم في الاقتراح برغبة أو الاقتراح بقانون “صفر”، ولكن بياض أسنانهم والابتسامة لتجميل المشهد أمام الكاميرا من الأمور العظيمة عندهم التي لا تتوقف، وشعورهم بالسعادة وهم أمام كاميرات التلفزيون والصحافة مثل البطولة والانتصار! مطلبهم الأساسي الظهور في الصحف والفوز بنصيب كبير من الاخبار والمقالات، أما خدمة المواطن بالنسبة لهم فمجرد شريط مسجل يعاد كل يوم أو معدل سنوي لا أحد يهتم به!
هذا التقييم لمواطن عادي له متطلبات حياتية وحاجات معيشية، هناك من النواب من يعمل بكل ذمة وضمير ولا يألو جهدا في نقل كل هموم الناس إلى قبة البرلمان ومناقشتها وإيجاد الحلول الممكنة لها، وبالمقابل هناك نواب لا يرتقون الى مستوى خدمة الناس للأسباب التي ذكرتها في البداية، ففي مجال خدمة المواطنين لا تنفع القشرة المزورة أو المصطنعة.