سعدت كثيرا وقدرت عالياً الاستجابة السريعة للاقتراح الأخير الذي قدمته من خلال مقالي السابق الذي تمحور حول جدوى تقديم باقات الورد للمرضى كسلوك مجتمعي يحتاج للتغيير.
لقد أثلج صدري في الحقيقة قرار إحدى المؤسسات الوطنيّة الرائدة في مملكتنا الغالية بتبنّي فكرتي المتواضعة التي طرحتها لتغيير بعض سلوكيات حياتنا اليومية، فقد شاءت الصدف أن يتم تطبيق القرار على كاتب المقال الذي تعرض لوعكة صحية مؤخراً ألزمته المستشفى عدة أيام، حيث قام رئيس تلك المؤسسة مشكوراً بإرسال باقة ورد صغيرة ومعها كوبونات مشتريات لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.
مبادرة رائعة ومختلفة وتحمل بين طياتها نزعة إنسانية لطيفة تستحق الإعجاب والامتنان، فقد أضاف إلى فكرتي جانباً آخر فاتني طرحه، إنه جانب التبرع للفقراء والمحتاجين، وهي فكرة عظيمة دون شك.
وكم أسعدني الرد الجميل الذي وصلني من رئيس تلك المؤسسة بعد أن بعثت له لأشكره على مبادرته الإنسانيّة الراقيّة، حيث أرسل لي رده الجميل التالي (نأخذ الأمور على محمل الجد، وننفذ بمهنية حرصاً على المصلحة العامة إذا ما ارتأينا ان الفكرة جيّدة، وقابلة للتطبيق)، وهنا تذكرت المثل الشعبي الشائع (قول وفعل)، علماً أن رئيس هذه المؤسسة قام بتوجيه جميع المسؤولين لديه بتطبيق هذه المبادرة على جميع العاملين وذلك من خلال وضع نظام متكامل في هذا الخصوص.
من باب الإنصاف ننوّه ونرفع القبعة لكل شخص صاحب قرار يمتلك فكراً إيجابياً ويتقبل الأفكار البناءة، ويسارع إلى تبنّي ما يُطرح لصالح المجتمع من خلال كتّاب الأعمدة وحتى من خلال بريد القرّاء. إن الهدف هنا هو المصلحة العامة بغضّ النظر عن أيّ شيء آخر، وفي علم الإدارة فإن القائد الذي يحرص على  الاستماع الى الأفكار الجديدة والخلاقة من الآخرين هو القائد الناجح بكل تأكيد.
يقول ستيف جوبز، في مقولة شهيرة “إن الإبداع هو الذي يميز القائد عن التابع”، وكما ذكرت سابقاً فإن تقليد أفكار الغير ليس عيباً بل هو في الواقع عين الصواب، فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى. وقد يشعر بعض الناس بالضجر عندما يلاحظون تقليد الغير لهم، وقد يلجأ آخرون لمواجهة من يقومون بتقليدهم، ولكن قد لا يتصور أحد حجم الرضا والفرح عندما أشاهد من يتبنى أفكاري ويمارسها، فذلك يؤكد لي أنها كانت فكرة رائعة استحقت التطبيق، والله من وراء القصد.