العدد 2861
الأحد 14 أغسطس 2016
banner
شطب الوثائقلن يغير الحقائق (2)
الأحد 14 أغسطس 2016

اللافت في التسجيل الصوتي للمرجع الإيراني الراحل آية الله منتظري هو تأكيده أن أحمد خميني، نجل المرشد السابق، كان يدعم حملة الإعدامات الواسعة تلك بحق المعارضين السياسيين والعقائديين، حيث قال: “وزارة الأمن كان لها موقف بهذا الخصوص، واستثمرت ذلك، وكان (السيد أحمد خميني) قبلها بثلاثة إلى أربعة أعوام يقول إنه كل من يقرأ صحف ومجلات وبيانات (مجاهدي خلق) ينبغي إعدامه.
إنهم كانوا يفكرون بهذه الطريقة، والآن يستغلون الفرصة فيقولون إن مجاهدي خلق هجموا علينا وأقنعوا الخميني بشتى الطرق. وفي النهاية أخذوا رسالة “لتطبيق الإعدامات” من خميني وسلموها إلى الأشخاص المعنيين “لتنفيذها” ومن يعرف إلى أين تسير الأمور وما الذي يحدث في المستقبل”.
ويؤكد منتظري في التسجيل أن لا علاقة تربطه بـ “مجاهدي خلق” ولا بالذين تم إعدامهم الذين ليسوا أبناء عمومته ولا أبناء خالاته، على حد تعبيره.
ويوضح منتظري الذي كان يعتبر “أفقه المراجع” في إيران وأكثرهم شجاعة في التعبير عن رأيه، وأمضى سنين طويلة في سجون الشاه، أنه “خلافاً للسادة الذين يلعبون السياسة لا أستطيع أن أدفن ما أعرفه في قلبي”، وفق قوله.
وبما أن تصريحاته المسجلة تعود لعام 1988، في أيام تلك الإعدامات، فإنه يشرح خلالها الظروف التي كانت تعيشها عوائل السجناء والقضاة الذين لم يرضوا بتلك الأحكام، فيخاطب الحاضرين في الاجتماع من المسؤولين القضائيين والأمنيين قائلاً: “منذ شهرين أوقفتم الزيارات وقطعتم الاتصالات الهاتفية للسجناء فهذا يثير العوائل. قد حكمتم على أحدهم بالسجن ستة أعوام أو عشرة أعوام واليوم تقومون بإعدامهم دون أن يكونوا قد مارسوا أي نشاط جديد، وهذا يعني أن جهازنا القضائي مخطئ برمته، إن بعض القضاة راجعوني لأنهم غير مرتاحين لهذا الوضع”.
وبحسب التسجيل، فإنه عندما يقوم بعض الحضور بتبرير الإعدامات يرد منتظري قائلاً إنه ضد إعدام النساء، ورغم أن هناك من السجينات من طلبن كتابة شيء (أي البراءة) لتتم إعادتهن للسجن إلا أنه تم رفض طلباتهن.
ويقول أحد الحاضرين في الاجتماع: “إذا كان أحدهم قد كتب لنا أنه انفصل عن منظمة مجاهدي خلق لأنها تحارب النظام وهو لا يؤمن بالنظام ولكن يرفض النضال “العمل المسلح” فمثل هذا الموقف كان يفي بالغرض (عدم إعدامه).
ويرد عليه منتظري قائلاً: “هل يظن السيد (خميني) وأنتم معه أنكم تضمنون النظام عبر هذه الأعمال؟ أنا أعتقد أن قتل شخص بريء واحد سيؤدي إلى هزيمة ثورتنا”، على حد قوله.
من هو آية الله منتظري؟ آية الله حسين علي منتظري من مواليد 1922 وتوفي في 19 ديسمبر 2009، يعتبر من أبرز فقهاء الشيعة في إيران، وله العديد من المؤلفات في الفقه والعلوم الدينية، ويعتبر المنظر الأول لمشروع “ولاية الفقيه”، إلا أنه كانت له قراءة مختلفة عن ولاية الفقيه التي تشكل الأساس في نظام “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”. ساهم بقوة في انتصار ثورة 1979، وكان قد حكم عليه بالإعدام في زمن الشاه، لكن تم إطلاق سراحه في عام 1975، بعد أن أمضى ثلاث سنوات في السجن.
وبعد الثورة انتخب نائباً للولي الفقيه، ولكن تم عزله بسبب معارضته الإعدامات في إيران سنة 1988، وفي عام 1999 حكم عليه بالإقامة الجبرية في منزله بقم، بسبب نقده اللاذع لخامنئي، إلى أن رفعت عنه الاقامة الجبرية بعد خمسة أعوام، وفي انتخابات الرئاسة لعام 2009 المثيرة للجدل صوت لصالح المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي الذي يخضع هو الآخر للإقامة الجبرية حتى الآن.
هذه الوثيقة في عرفي تؤكد صوابية رأي وتشخيص منظمة مجاهدي خلق وقيادتها لماهية نظام ولاية الفقيه ودموية خميني وتنكيله بالشعب الإيراني لتثبيت دعائم سلطته الاستبدادية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .