العدد 2849
الثلاثاء 02 أغسطس 2016
banner
ملحمة الموت وإنقاذ ما يمكن قبل الفوت
الثلاثاء 02 أغسطس 2016

عندما انتهيت من قراءة مقال لأحد أعضاء مجلس النواب بجريدة محلية، تمنيت أن لا أكون طبيبًا أو مُشتغلاً في إحدى وظائف أو إدارات وزارة الصحة وخصوصا في مستشفياتها أو مراكزها الصحية. وبمثل قضايا الموت التي أوردت في المقال وحدثت توجعت كثيرًا من الأوضاع التي أدت إلى موت ضحايا الأخطاء الطبية بمستشفياتنا التي تعقد صفقات دائمة مع الموت ويكون عائدها مواطنونا بمختلف ما يُعانونه من الأمراض. وعلى وزارة الصحة أن تجسد في مهماتها بالمادة الثامنة (أ) من دستور مملكة البحرين وتعديلاته (2012م) التي نصت على (لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية، وتعنى الدولة بالصحة العامة)، أي بتوفير الرعاية الصحية التامة والعلاج من الأمراض.
والأمر لا يتطلب فقط المحاسبة والوقوف عند مكامن التقصير والأخطاء التي راح ضحيتها عدد من المرضى وباختلاف الأمراض، فالاعتذار لن يُعيد نبض الحياة لأجساد من رحلوا، والمُحاسبة لن تنهي أحزان أهالي ضحايا الأخطاء، ولن تضفي البهجة إلى الثكلى من الزوجات والأمهات والبنات. والمحاسبة إن كانت حقيقية وشاملة قد تردع من يخطئون في أمراض الأجساد، وتجعلهم بعيدين عن الأجساد المريضة. وماذا ستقول الوزارة عن ضحايا الأخطاء؟ الأمر يتطلب الكثير والكثير من الإجراءات، ومنها على سبيل المثال: أن توقع إدارة مستشفى السلمانية أو المركز الصحي والطاقم الطبي المُعالج على تعهد بتحمل المسؤولية عن أية أخطاء طبية تحدث للمريض عند دخوله المستشفى أو المركز لتلقيه العلاج، ويحصل المريض على نسخة قبل خضوعه للعلاج. وإصدار قانون خاص يتعلق بالأخطاء الطبية، بحيث يُمكن لأهالي ضحايا الأخطاء الطبية الرجوع إليه في حال رفع شكوى ضد من تسبب في إحداث الوفاة بالمريض بسبب الأخطاء الطبية. إعداد ملف طبي لكل مريض يُبين الوقت الذي دخل فيه المريض المستشفى أو المركز الصحي، ويحتوي على تقارير علاجه وإمضاء الطاقم المُشارك في علاج المريض. إذا كان المرض الذي يُعاني منه المريض مُزمنا أو شديدا يجب أن يكون أحد المعالجين اختصاصيا بهذا المرض، وأن يكون الاختصاصي بجانب المريض حتى نهاية علاجه، ليتأكد بأن الحالة الصحية للمريض مُطمئنة، وتوقيعه على الأوراق التي تودع في الملف في كل زيارة. أن يتحمل الطبيب المُعالج الآثار الصحية المُلازمة لتناول ما وصفه من أدوية طبية للمريض، حتى بعد خروج المريض من المستشفى أو المركز الصحي. أن تكون هناك متابعة إدارية وفنية وعلمية دائمة بما يحدث من أخطاء طبية في المستشفيات أو المراكز الصحية بحق المرضى، ومحاسبة المتسببين في ذلك.
وحسنًا كان الاستنجاد بمجد البحرين وعِزها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر لإنقاذ مرضى البحرين من ملحمة الموت في مستشفيات البحرين ومراكزها الطبية، هذه الصرخة التي وصلت إلى قلب سمو رئيس الوزراء أيده الله وباركه، ففي اليوم الثاني قرأنا على الصفحة الأولى من جريدة البلاد (العدد 2812) توجيها صادرا من صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه (بتشديد الرقابة والإجراءات التي تحول دون وقوع الأخطاء الطبية، وتحديد الخطأ إن وقع، والمتسبب فيه ومحاسبته وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها، وتعزيز آليات الأخطاء الطبية ومعالجتها في أية مؤسسة طبية عامة أو خاصة). شكرًا لصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء على هذا التوجيه السديد، فهو نابع من إيمان سموه بحق كل مواطن أن يحصل الرعاية الصحية الكاملة، وهو توجيه نابع من حُبه الشديد لأبناء البحرين الذين يكنون له كل مودة وولاء وتقدير. 
هذا التوجيه الوطني السديد من لدن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر وما سيصدر من إجراءات قانونية وإدارية البلسم الشافي للكثير من المرضى البحرينيين. شفانا وإياهم، وحفظ لنا البحرين ورئيس وزرائها الموقر وشعبها من كل سوء. آمين يا رب العالمين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية