العدد 2828
الثلاثاء 12 يوليو 2016
banner
مفتي التفجيرات الانتحارية
الثلاثاء 12 يوليو 2016

أشاد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة في تغريدة له (بالمواقف الدينية لعلماء الدين السعوديين الذين يناهضون الإرهاب ويرفضون العمليات الانتحارية وخصوصا ما تقوم به منظمة داعش الإرهابية، وبدعم جماعة الإخوان المسلمين الإرهاب). هذه التغريدة أغضبت مفتي التفجيرات الانتحارية  وهو المحرض على القيام بهذه العمليات الانتحارية التي راح ويروح ضحيتها العديد من القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين. وعلق مفتي الجرائم الانتحارية على ما جاء في هذه التغريدة بكلام لا وزن ولا معنى له ولا يجعل منه بريئًا بل شريكًا في تنفيذ هذه العمليات الإجرامية بقوله (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، نعوذ بالله من شر الشياطين إذا ما انحلت أصفادها)، وهل هناك أكثر شيطنة من قتل الناس بدون سبب أو ذنب؟
وأعلن الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية المملكة عن دعمه وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في تغريدة له (لا غرابة في أن يكون السياسي القدير صغير السن، ولكن يكفينا شر مَن يدعي العِلم والعِلم منه براء، الشياطين التي خرجت من أصفادها هي تلك التي حاولت إسقاط قلب الأمة وحصنها الحصين، والآن ترمي القادة الناجحين بدائها وتنسل). إنها تغريدة جميلة وتمثل موقفا نبيلا من وزير ومواطن عربي جليل، يقف مع الحق ولا يُساند الباطل. إنها كلمة حق في ذلك الذي تلبس بلباس الشيطان ونطق بكلمات القرآن، فمثل هذا لا ينطبق عليه قول القرآن الكريم (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) ﴿فاطر 28﴾، وقال تبارك وتعالى في مثله (أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة 80﴾. فمثل هؤلاء الأشخاص يجب أن لا يستفتوا في الدين أي شيء وأن يُحاسبوا على تحريضهم على العنف والإرهاب، ولاسترخاصهم دماء البشر وإجازتهم العمليات الانتحارية تحت عباءة الدين والدين من أمثالهم براء. فليرجع ويشاهد ما قاله وأفتاه على ما سجلته الأشرطة حتى يتأكد أن ما قاله وزير خارجية الإمارات ليست به أية مزايدة.
إن ما فعله مفتي الجرائم الانتحارية ويفعله بحق المسلمين وجميع البشر ودولهم والعالم أجمع في منتهى الخطورة، فهو يدعو في فتاويه إلى الكراهية وحق قتل الآخرين بدون ذنب، وأن يقف البعض ضد الآخر، فهل من المعقول أن تصدر مثل هذه الفتاوى من رجل يَدعي أنه مُسلم وداعية؟ فبمثل هذه الفتاوى فإن مفتي الجرائم الانتحارية والتفريق بين الشعوب تجرد من قناعه الإنساني والديني. فهذه الفتاوى اشد فتكًا من أسلحة الانتحاريين، فهي تحدث الفتنة والتفرقة بين الشعوب وتشعل حروبا لا تنطفئ أبدًا وما تُسببها من تدمير للبلدان وفتك بالإنسان. وستظل هذه الفتن والحروب مستمرة لزمن طويل لا نعلم متى تنتهي وستعيش بلداننا ممزقة ومفتتة، وهذا ما سينعكس على هويتها وتقدمها وسيزيد من ضعف اقتصادها الضعيف.
لقد أراد بفتاويه اندلاع الحروب الطائفية وهي الدائرة حاليًا في لبنان وسوريا وغيرها من الأقطار العربية التي اكتوت بفتاوى مفتي الجرائم الانتحارية وجميع ضحايا هذه الفتاوى هُم من العرب، وانتشار الفوضى في أقطارهم وخسارة المليارات من اقتصادهم، والفائز الأوحد من هذه الفتاوى هو العدو، العدو الصهيوني والإيراني والغربي، ومع مرور السنوات يزداد الشرخ الطائفي ويتعمق أكثر في الوطن العربي، وهذا ما يُريده الأعداء لرسم خرائط جديدة للوطن العربي لتجزئة ما هو مجزأ إلى أجزاء أكثر وأصغر.
إن الفتاوى تصدر بعقل متبصر، وحكمة رشيدة، وعِلم جامع ورأي عادل، ولا يتم إصدارها من منطلقات انتقامية ثأرية، ولا بشخصنة سياسية عمياء. جزء من دائنا سببته واشنطن وطهران والغرب والعدو الصهيوني، وجاءت هذه الفتاوى لتكمل عمل هؤلاء، وهو مخطط قديم يتجدد بين الحين والآخر، وفي كل فترة زمنية يتم إضافة سيناريو جديد لزيادة وتعميق هذا الداء، وكل يوم يتساقط الكثيرون من قتلى وجرحى، وتبتلع مياه البحار أجساد اللاجئين الهاربين بأرواحهم من البر ليموتوا في البحر.
 فعلى صاحب فتاوى العذاب والسعير أن يتحمل آثارها ونتائج أعمالها.
إن فاقد الشيء لا يعطيه، ومَن كره الناس لا يصلح لنصحهم، ومَن لا خير فيه لأهله لا خير فيه للناس، ومن زاد حنقه على بلده وسلخ جلده منها لا خير فيه في البلدان الأخرى. فقد أثبت من خلال فتواه المتعددة أنه بعيد جدًا عن الدين والإنسانية. حفظنا الله جميعًا وحفظ بلادنا مما يفتي ويقول.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .