العدد 2825
السبت 09 يوليو 2016
banner
إلى متى نسير خلفهم؟
السبت 09 يوليو 2016

بعد سبع سنوات، كما قيل، يخرج للعلن تقرير “تشيلكوت” حول مشاركة بريطانيا في غزو العراق، ويصل التقرير إلى خطأ! (مجرد خطأ) وقع فيه توني بلير في المشاركة في الغزو، والغريب أن التقرير لم يعارض الحرب ذاتها، ولكنه قال إن بلير تسرع في اتخاذ القرار وإنه كانت هناك فرصة لحل سلمي للقضية قبل الدخول في الحرب، بمعنى أن هناك مبررا للحرب في نظر اللجنة ولكنها رأت ان الحل السلمي لم يستنفد قدرته قبلها، ومع ذلك رأت اللجنة أن بلير أخطأ او ارتكب خطأ ولكنها لم تجرم فعلته السوداء بحق العراق.
وقبل ذلك، فقط للتذكير، رأى الجميع أن الولايات المتحدة أخطأت في الحرب على العراق وأن المعلومات التي ساقتها عن طريق وزير خارجيتها آنذاك “كولن باول” كانت مغلوطة وغير حقيقية عن وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق، مع ان الكثير من الدول أعلنت ملكيتها ذلك السلاح ولم يقترب منها أحد، المهم، أن كولن باول نفسه أعلن أنه أخطا في تلك المعلومات، ومع ذلك دخلت أميركا ومعها بريطانيا ومعظم الدول الأوروبية الحرب على العراق وساعدتها في ذلك الكثير من الدول العربية للأسف – وهي الآن تعض أصابع الندم على ذلك – ولكن بعد فوات الأوان.
هذا ما صدر عن اكبر دولتين ساهمتا في جريمة تدمير العراق مع سبق الإصرار والترصد وبلا سبب حقيقي غير الرغبة في التدمير وإسكات أي صوت معارض لها ولسياستها ووضع واحدة من أكبر الدول العربية على خارطة التدمير الذاتي، وهو ما يحدث حاليا، فقد انتهى العراق كدولة وغدا أرضا تعج بالصراع العرقي والطائفي لا أكثر، واليوم هناك دول عربية أخرى تمر بنفس الطريق، أي طريق التدمير، وعلى رأسها سوريا وليبيا ومعهما اليمن، ومع ذلك لا نسمع غير صوت أميركا، ووزير خارجيتها “جون كيري”، ولا نستمع إلا لهذا الصوت ونسير خلفه في كل شيء ونتباحث معه في كل شيء يخص هذه البلاد، وكأننا نريد ان نفعل الشيء ذاته بهذه البلاد ثم نعود مرة أخرى لحالة الندم.
الجميع يعلم علم اليقين أن هذه الدول الاستعمارية لم تصدق معنا يوما من الأيام ولم تقف معنا في قضية من القضايا يوما من الأيام، ولا نريد أن نسمع أنها كانت وراء تحرير الكويت، فهدفها حينها لم يكن الكويت كدولة، ولكنها كانت المصلحة التي وقفت وراء قرارها الدخول في حرب مع العراق، فلو لم تكن الكويت مجاورة للعراق أو كانت دولة غير نفطية لتركت تعاني حتى اليوم من الغزو، ولكن الرغبة في الحصول على النفط، والرغبة الأكبر في تدمير بلد عربي معارض لسياسة الغرب كانت وراء قرارها الدخول في حرب التحرير كما أطلق عليها، والجميع يعلم أنه لو فكرت فارس في أمر سوء بحق الكويت أو أية دولة عربية خليجية أخرى لما حدث نفس ما حدث سابقا.
سوريا دخلت هي الأخرى في مرحلة التدمير الذاتي وليبيا هي الأخرى، واليمن كانت على الحافة لولا التدخل العربي تحت القيادة السعودية لوقف أو منع ما كان يحدث، إلا أنه للأسف الشديد مازلنا نتجه دائما للولايات المتحدة الأميركية في كل ذلك، نستشيرها ونستعين بها في هذه القضايا وكأنها ستنصحنا وتقدم يد العون، ومازلنا نرهن قرارنا بالإرادة الأميركية لتصب المزيد من الزيت على النار التي تحرق وطننا العربي اليوم وتريد لهذه النار ان تستمر وتستعر أكثر وأكثر لتصل إلى كل أركان هذا الوطن المنكوب لهذه العلاقة غير السوية مع الغرب الاستعماري.
على صاحب القرار العربي العودة عن ما هو عليه من توجهه لهذا الغرب قبل أن يحترق وطننا ويهيمن عليه العدو الصهيوني، وعليه أن يتخذ قراره بناء على مصلحة الوطن وبمعزل عن الإرادة الغربية، فتاريخ هذه الإرادة وهذه الدول مليء بالسواد الحالك معنا ولم نر يوما من الأيام موقفا يكون في مصلحتنا، بل يمكن أن نتحدى التابعين للغرب من الذين يتغنون به في إعطائنا أي موقف لهذا الغرب كانت نتائجه في مصلحتنا كعرب ووطن عربي، فإلى متى تكون هذه التبعية لهذا الغرب؟ الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .