العدد 2793
الثلاثاء 07 يونيو 2016
banner
الأزمة المالية ودور الحكومة
الثلاثاء 07 يونيو 2016

يقول صندوق النقد الدولي إن الأزمة المالية العالمية أبرزت استمرارية الموارد العامة، حيث لاحظ إجمالا وفي كل دول العالم تعاظم الاتفاق الحكومي، لاسيما الإنفاق الاجتماعي، والذي يعكس في الأساس تفضيلات كل بلد لحجم حكومته المرغوب وحجم الخدمات التي يريد أن تقدمها. ولكن نسبة الإنفاق الحكومي من الناتج الاقتصادي الكلي تسير في اتجاه صعودي واضح منذ سنوات عدة.
وبطبيعة الحال كان الاستنتاج العام أن الطلب على السلع والخدمات العامة يزداد مع زيادة ثراء البلدان وأن تكلفة تقديم السلع والخدمات العامة تغلب عليها الزيادة بسرعة أكبر من الإنتاجية. وتعني هذه الاستنتاجات أن الضغط على الحكومات لمواصلة الإنفاق سوف يستمر، بغض النظر عن التباطؤ الحالي.
وتشير تقديرات الصندوق إلى أن عدم إجراء إصلاحات في هذا الخصوص يمكن أن يرفع الإنفاق الحكومي في اقتصادات الأسواق الصاعدة بمقدار يتراوح بين 3 و6 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي حتى نهاية العام 2050.
وإذا كان هو هذا الاتجاه العالمي، وبظل ما تشهده الميزانية المالية في البحرين من ضغوط متعددة المصادر من بينها زيادة مصاريف الرواتب لاسيما في القطاعات الأمنية، وزيادة أقساط الديون والفوائد واستمرار الهدف في بعض الوحدات، فإن التساؤل المطروح هو ما هي الخيارات المتاحة لمواجهة هذا الوضع.
يلاحظ تقرير صندوق النقد الدولي أن الخيارات المتوفرة في الاقتصادات المتقدمة تكون أكبر، والمجال المتاح لتعبئة موارد إضافية من خلال الضرائب، قد تكون تخفيضات الإنفاق ضرورية كجزء من إستراتيجية إصلاح أوسع نطاقا.
أما بالنسبة للدول النامية فلكل بلد منها ظروفه وتفضيلاته، والشيطان يكمن - دائماً - في التفاصيل، لكن بعض العوامل المشتركة تتضح من تجارب البلدان مع إصلاح النفقات. فأول هذه السياسات التي يدعو لها الصندوق هو تجنب تخفيضات الإنفاق الشاملة: فقد تكون هذه التخفيضات مواتية، لكنها ليست ذات كفاءة ولا تدعم الرفاهية، ولها آثار ضارة على قدرة الاقتصاد على النمو على المدى الطويل وهذا يعني أن التخفيضات يجب أن تطال الأنشطة والقطاعات غير المنتجة في الميزانية بينما ضرورة المحافظة على بنود الإنفاق الاستثماري وشبكة الحماية الاجتماعية لذوي الدخل المحدود.
كما تستطيع الحكومات تحقيق وفورات التكلفة من خلال تحسين الكفاءة: ويبدو المجال هنا كبيراً لتحسين الكفاءة في المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية ومشاريع الإسكان والتعليم والرعاية الصحية، وذلك من خلال إخضاع هذه المشاريع لدراسات جدوى وحوكمة على صعيد اتخاذ القرار والتنفيذ. كما يؤدي وجود قواعد مؤسسية مالية داعمة إلى تعزيز فعالية إصلاحات الإنفاق.
وأخيراً وليس آخراً، يؤكد الصندوق أن فرص نجاح إصلاحات الإنفاق واستمراريتها إذا كانت مؤيَّدة بتوافق مجتمعي واسع النطاق. وتشكل إستراتيجية التواصل واسعة النطاق مع أطراف المجتمع أهمية خاصة؛ لأن عدم التوافق وغياب الشفافية والضغوط الاجتماعية يمكن أن تؤدي بسهولة إلى انحراف مسار الإصلاحات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية