العدد 2776
السبت 21 مايو 2016
banner
نظرية المؤامرة
السبت 21 مايو 2016

كثيرون من حولنا يرفضون الحديث عن وجود مؤامرة على الوطن العربي، وأن ما يحدث هو شأن داخلي عربي لا علاقة له بأية جهة خارجية بالرغم مما نراه جميعا من حولنا من أحداث بعيدة عن مصالح صانعيها أو ممارسيها والغارقين فيها حتى النخاع، بل هي بعيدة كل البعد عن مصالح الوطن والمواطن العليا، فهي عملية تدمير ممنهجة لكل مقومات التطور والبقاء.
ليس من السهل ربط بداية أحداث المنطقة بنظرية المؤامرة التي نتحدث عنها، فبدايتها حتما كانت شأنا داخليا ناتجا عن وضع داخلي، ولكن بدايتها شيء وما حدث بعد تلك البدايات شيء آخر مختلف، بل مناقض لتلك البدايات، وما نراه جميعا في أجزاء كثيرة من وطننا العربي لا شأن له من قريب أو بعيد بمطالب الحرية والعدالة والمساواة التي بدأت الأحداث من اجلها، بل ما نراه هو خسارة كبيرة لكل تلك المطالب والابتعاد عن تلك المبادئ بصورة تفوق ما كان موجودا قبل بداية الأحداث.
من هنا يزداد الحديث عن وجود مؤامرة على وطننا العربي تم استغلال الأحداث التي عاشها الوطن من أجل وضعها موضع التنفيذ، والأخطر من ذلك أن هذه المؤامرة يتم تنفيذها باليد العربية نيابة عن الجهات الفاعلة فيها، وعلى أقل تقدير يمكن الجزم بوجود بعض الأيادي العربية التي تعين في تنفيذ هذه المؤامرة التي تهدف لتمزيق الوطن اكثر مما حدث بداية القرن الماضي على يد انجلترا وفرنسا في ما أطلق عليه “سايكس بيكو”، وإذا كنا نحن كمواطنين عاديين نشعر بذلك ونرى القرائن على وجوده ونتخوف من المستقبل المظلم الذي تجلبه الأحداث الحالية فكيف الحال عند من بيده وتحت نظره جميع المعلومات والبيانات التي حتما تنير له الطريق والفهم أكثر بكثير مما تفعله لنا، إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا نرى التحرك الجاد ممن بيده القرار ولماذا نرى هذا التباين الحاد في المواقف والذي يصل إلى التناقض وليس التباين فقط؟
العراق انتهى تقريبا وتجسد الاحتلال الفارسي وهيمن عليه وغدى لا يقوى على فعل شيء ما بدون الموافقة الفارسية، وسوريا هي الأخرى تعج بالقوات الفارسية التي تفرض عليها ما تريد تحت ذريعة تقديم الدعم لنظامها وتعيث هذه القوات فسادا فيها وتمارس ما مارسته في الأحواز من عملية تطهير عرقي لمناطقها، واليمن كادت أن تسقط تحت الهيمنة الفارسية وتدخل في مجال سابقيها لولا التدخل الخليجي لنجدة نظامها المنتخب، وهو التدخل الذي يراد له ان يشغل دول الخليج العربي ويستنزف ما لديها وهو ما نراه حاليا في الواقع العملي، فهل هذه الأحداث هي تطبيق لنظرية التقسيم التي سمعنا بها وقرأنا عنها منذ اكثر من خمسة عشر عاما ونرى نتائجها أو بوادرها من حولنا في الوقت الراهن؟
لا نرى أي تحرك جاد من قبل النظام العربي سوى ما بادرت إليه دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، الكل نائم أو منشغل بما ليده في الداخل والأصح بما أَشغِلَ به في الداخل، فهل سيترك النظام العربي دول الخليج العربي تواجه هذه المؤامرة منفردة، بل يحارب جزء منه هذه الدول بطريقة أو أخرى؟ وهل سينتظرون أن يَؤكُلوا بعد أن يُؤكَلَ غيرهم أما ماذا؟
القادم سيئ ومظلم، والمطلوب موقف موحد تحت قيادة من تقدم لمواجهة ما يجري ونعني المملكة العربية السعودية، وعلى السعودية ومعها مصر تفعيل قرارات كثيرة تم اتخاذها في الجامعة العربية والقمم العربية الكثيرة لوضع هذا الموقف التوحيدي موقف التنفيذ على أن يتم سحق التمرد في اليمن بسرعة تمنع او توقف أية عملية استنزاف يراد لها ان تتم لدول الخليج العربي، ودون ذلك ستستمر المؤامرة ويتم التمزيق المطلوب لوطننا العربي ثم يتذكر كل صاحب قرار يوم لا ينفع الندم ما حدث للأندلس منذ عدة قرون... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية