العدد 2770
الأحد 15 مايو 2016
banner
الفساد في العالم
الأحد 15 مايو 2016

يقول البنك الدولي بعد مقابلات أجريت مع مديرين وأصحاب شركات في أكثر من 130 ألف شركة في 135 بلدا خلصت إلى أن 1 من كل 3 شركات ترى الفساد عقبة رئيسة أمام عملها. ونحو ثلث الشركات يتوقع تقديم هدايا المسئولين حكوميين من أجل “تسيير الأمور”. وتصدرت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هذه القائمة، حيث رأى 53 % من الشركات التي شملها المسح إن الفساد يشكل عقبة رئيسة في أعمالها.
وكان السؤال الرئيس الذي وجه للشركات ما هو السبب الذي اضطرها لدفع الرشوة؟ كانت أغلب الإجابات التي وردت في 40 في المئة من الردود هي “لتسريع إنجاز الأمور”. هذه النسبة العالية من الرشى المقدمة لتسريع الخدمة، كما يقول البنك إلى تواطؤ مثير للقلق والانزعاج: فالشخص الذي يدفع الرشوة ربما يشعر أنه يستحق الحصول على الخدمة بوتيرة أسرع من الآخرين.
ويلاحظ وجود الكثير من الفساد فيما يحدث في علاقات وتعاملات أكثر خفية، كما أن التركيز على الرشوة فقط يمكن أن يغفل الكثير من الجوانب الأخرى لهذه الإشكالية. على سبيل المثال، يسأل المسح عن أهمية العلاقات الشخصية في تعامل الناس مع الأجهزة والمصالح الحكومية. أجاب 67 في المئة ممن شملهم المسح بأن الاتصالات و/أو العلاقات الشخصية مهمة أو “مهمة جدا”. وهذه النسبة العالية، كما يقول البنك، مزعجة للغاية؛ نظرا لأن الإجراءات التنظيمية والخدمات المدنية الضرورية، مثل تقديم الإقرارات الضريبية، وتسجيل الشركات، واستخراج رخصة السيارة تكون أكثر كفاءة عندما تتسم بالحيادية والتوحيد.
ومن السهولة بمكان النظر إلى الفساد باعتباره مشكلة الطرف الآخر، وهو شيء يشمل أناسا في مواقع نائية، حيث يسود الاعتقاد بأن “هكذا تجري أنشطة الأعمال”. هذه الرؤية شائعة، لكنها خطأ. وبشكل عام، فإن الأفراد – وليس البلدان أو الشركات- هم الفاسدون كما أن دافعي الرشى موجودون في كل مكان. ومن بين 503 كيانات يحظر البنك الدولي التعامل معها حاليا، هناك 262 في الدول الصناعية، وهو ما يؤكد مشاركة هذه الدول في نشر الفساد في العالم.
ولتفعيل إجراءات مكافحة الفساد أهمية بالغة. فالفساد يسرق من جيوب الفقراء، ولذا فإن أي إجراء لمكافحة الفساد ينبغي أيضا أن يضع في الحسبان أولئك الذين يتكبدون تكلفته. وهناك 1.2 مليار شخص يعيشون اليوم في فقر مدقع. فكل دولار يبدد في الرشوة وفي نظم الإدارة السيئة يحرمهم من تقاسم الرخاء. وهذا يرغمهم على الإقدام على خيارات ظالمة مثل ما إذا كانوا سيدفعون للحصول على وجبة، أم للرشوة من أجل الحصول على الرعاية الطبية لطفل مريض. إلا أن إجراءات مكافحة الفساد الحالية غير كافية.
ويقدر البنك الدولي قيمة ما يدفع من رشى كل عام بنحو تريليون دولار. وقدرت اللجنة المعنية بالتقدم في إفريقيا، والتي يرأسها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، ما فقدته جمهورية الكونغو الديمقراطية بنحو 1.35 مليار دولار- وهو ضعف إجمالي ميزانيتها للصحة والتعليم- وذلك في خمسة فقط من صفقات بيع الموارد الطبيعية نتيجة تقديرها بأقل من قيمتها. ولو تم الحفاظ على هذه الأموال واستخدامها بالشكل الصحيح، لكانت الفوائد التي تعود على الفئات الأكثر فقرا في العالم كبيرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية