العدد 2769
السبت 14 مايو 2016
banner
إن الله بريء مما تفعلون
السبت 14 مايو 2016

تحدثنا من قبل في هذه الزاوية مرارا وتكرارا عن تلك الفئات التي تنسب كل ما تقوم به للدين، وهي بذلك تضع الدين في ميزان السياسة والخطأ البشري في السياسة وغيرها، والمشكلة أن الكثير من التيارات وضعت لفظ الجلالة في مسمياتها ونسبت نفسها لله مع أنها تمارس أعمالا نهى الله عنها في الرسالة السماوية التي أتانا بها خير البشرية عليه الصلاة والسلام.
لن نطيل في البحث، ولكن في وطننا العربي نقرأ عن تنظيمين ينسبان نفسهما لله عز وجل وهما على سبيل المثال لا الحصر حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن وغيرهما الكثير من الأحزاب والتيارات السياسية أو العسكرية التي تضع  اللفظ في أسمائها وتنسب ذاتها لله عز وجل والله بريء مما يفعلون من قتل وتشريد ونهب وتجويع للبشر في كل مكان يتواجدون فيه وليس في الإسلام عندهم وأعماله غير الاسم، أما الأفعال فهي بعيدة ولا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد.
الأول، ونعني به حزب الله في لبنان بدأ كتيار مقاوم ضد الاحتلال الصهيوني ونال كفعل، ومعه الاسم، تعاطفا كبيرا من التيارات الشعبية على مدى الوطن العربي الكبير، إلا أنه لم يستمر على مساره الذي بدأ به فمال نحو الداخل العربي وتعدى الرسالة التي نشأ بها ووضع اصبعه في الشأن الداخلي العربي كتيار طائفي يدعو لطائفة على حساب الغير مع ان الكثير من المنتمين لنفس الطائفة يرفضون عمله الأخير وينحازون لوطنهم ضد توجهه الجديد، ونجده حاليا يساهم في قتل وتشريد الآلاف من الشعب العربي السوري حاليا ويساهم في تقسيم لبنان واليمن وتقطيع سوريا ويدعو لمبدأ جديد لا علاقة له بالوطن والوطنية، بل يساهم في وضع خارطة للوطن العربي تقوم على مبدأ طائفي تمزيقي بل يبعد الجار عن جاره منطلقا من فهم غير صحيح للدين.
أما أنصار الله في اليمن الذين يرتبطون بحزب الله اللبناني من حيث الفكر والانتماء فهم يسيرون على نفس المسار وساهموا بأفعالهم في وضع اليمن السعيد على خارطة الشقاء وناهضوا الإرادة الشعبية اليمنية محاولين الاستيلاء على اليمن ونسبه لطائفة وتيار ديني لا علاقة للشعب اليمني به من قريب أو بعيد، وهم في هذه اللحظة يحاصرون جزءا كبيرا من هذا الشعب في محافظة تعز ويذيقون أهلها أشد انواع التجويع والحرمان من أبسط مطالبهم الحياتية، بل حتى الدواء يمنع عنهم عن طريق من يطلقون على أنفسهم انصار الله.
في الدين الإسلامي نقرأ “وجادلهم بالتي هي أحسن” ولكنهم في لبنان واليمن يبتعدون عن هذا المبدأ ويسيرون على مبدأ غيره يقول حاربوهم بكل قوة ومزقوهم شر ممزق، بمعنى انهم يتعاملون مع المسلمين المشاركين لهم في الوطن الواحد كأعداء وليس كمواطنين، لذلك نرى لبنان بعيدا عن وجود رأس للسلطة بسبب مواقف حزب الله، واليمن نراه بعيدا عن السلام والأمن بسبب أنصار الله، لبنان يعيش حالة من الفراغ الدستوري لم يرها من قبل وتملأ أنواع “الزبالة” شوراعه وطرقاته وتتمزق طوائفه وتياراته بسبب مواقف حزب الله والقوة المادية التي يملكها بعيدا عن الدولة اللبنانية، فهو بذلك يضع للبنان خارطة تقوم على السلاح وليس على الأمن والاستقرار، واليمن يعيش حربا طاحنة وتشريدا وتجويعا لأبنائه وانهيارا شامل تقريبا لمؤسساته بسبب تعنت من يطلقون على أنفسهم أنصار الله، فأين الاسم الذي يضعونه لأنفسهم من حقيقة ما يفعلون... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية