العدد 2742
الأحد 17 أبريل 2016
banner
إلى مجلس الشورى الموقر.. لا تخذلوا المتقاعدين..!
الأحد 17 أبريل 2016

المفروض أن يكون هذا اليوم يوما فاصلاً وربما تاريخياً بالنسبة إلى نحو 200 ألف بحريني، هم العدد التقريبي للمتقاعدين وأسرهم في البلاد..! فاليوم موعد القرار المنتظر لمجلس الشورى الموقر في 3 مشروعات بقانونين تقضي بزيادة 7 % في المعاشات التقاعدية لموظفي الحكومة والقطاع الخاص ومنتسبي القطاع العسكري، وهي المشروعات التي تصر لجنة الخدمات في المجلس على رفضها رفضاً باتاً رغم كل المحاولات والمبررات ورغم موقف المجلس النيابي الإيجابي من هذه المشروعات، أو من هذه الزيادة..!
ولا أريد ـ ولا أحب ـ أن أقتنع أن وطناً يقوده ملك الإنسانية حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، يمكن أن يقول للمتقاعدين فيه، وبقية الطيبين ما تريد أن تقوله لهم لجنة الخدمات في مجلس الشورى الموقر..! لأن ما تقوله اللجنة لهؤلاء الذين خدموا الوطن وأمضوا زهرة شبابهم في خدمته ورعايته وحراسته برفضها المتكرر لزيادة معاشاتهم المتواضعة أصلاً والآيلة للسقوط بطبيعتها، هو أن البحرين لا يعنيها من خدموها وبروها وأخلصوا لها..!
ولا أريد ـ ولا أحب ـ أن أعتقد أن عضو مجلس الشورى الذي يتقاضى الآن راتباً فخماً منذ يومه الأول، ويضمن لنفسه معاشاً تقاعدياً منذ ساعته الأولى، لا يشعر أنه معنيٌّ بوكيل الوزارة الذي تقاعد منذ عشرين سنة مثلا ومعاشة التقاعدي بعدما ينوف عن 30 سنة خدمة لا يزيد عما يتقاضاه العضو الشوري اليوم كعلاوة تمثيل..!    
لقد تشرفت سنوات عديدة بعضوية هذا المجلس الموقر، وأعلم تماماً كم ونوع القيم السامية التي تملأ وجدانه، وأعلم مستوى الوطنية والشعور بالوطن وأهله لدى أعضاء المجلس ورئاسته ولجانه، كما أعلم كيف تتخذ اللجان مواقفها وقراراتها، وما هي المعطيات التي ترتكز عليها عندما تقرر وجهة نظرها في مشروع أو قانون ما..
ولكني مع كل ذلك أعجز عن أدراك واستيعاب الرسالة التي تريد لجنة الخدمات الموقرة في المجلس الموقر إرسالها لأكثر من 200 ألف مواطن بحريني ينتظرون القرار في هذه الزيادة منذ عدة سنوات، ويتشوقون إلى ما يرفع من معنوياتهم ويزيدهم كرامة في وطن كريم يقوده ملك كريم..!
لقد أحيل مشروع الزيادة هذا إلى السلطة التشريعية منذ العام 2007، وخلال هذه الحقبة تعرضت هذه الزيادة (المفترضة) للكثير من الشد والجذب، والأخذ والرد.. وانبرى بعض أعضاء السلطة التشريعية لشجبها وردها جملة وتفصيلاً، وكأن الدولة سوف تحسمها من رصيده الخاص لتمنحها للمتقاعدين، ووافقت عليها لجان في المجلسين، وتم التصويت عليها مرة هنا ومرة هناك..!
وبالتأكيد كان المتقاعدون يراقبون ما يجري على أرض وطنهم، وكأن هذه الأرض ترفضهم أو تخذلهم أو تتخلى عنهم..!
وربما تساءل بعضهم عن جدوى خدمة الوطن بإخلاص وتفان ونكران للذات..! وربما سألت ابنة أحد هؤلاء المتقاعدين والدها الكهل: ماذا فعلت من سوء يا والدي للوطن حتى ترفض أعلى سلطة تشريعية فيه أن تزيد معاشك الذي يكاد يكفينا حفنة دنانير قد لا تكفي ثمناً لشراء الخبز..؟!
إنني لا أريد أن تفهم اللجنة الموقرة في مجلس الشورى أن هذا هجوماً عليها، كما لا أريد أن يفهم المجلس الموقر أنني (اقلب له ظهر المجن) أو أخونه لا سمح الله، وقد تشرفت بعضويته، وخدمته، وزاملت أعضاءً عاملين فيه حتى الآن..! ولكني أكتب ما أكتبه اليوم حرصاً على المجلس وأعضائه ومكانته بين الناس وفي وجدان البحرينيين، بل حرصا على ما سوف يكتبه التاريخ عن المجلس الذي احترم وأحب وأقدر عاليا دوره وتاريخه ورجاله ونساءه وكل العاملين فيه، وكل الذين عملوا فيه سابقاً، وخدموا الوطن من تحت قبته العامرة.
كل ذلك في ضميري ووجداني وعقلي وأنا أكتب اليوم، متمنيا على المجلس ورئيسه أن ينحازوا للوطن ومواطنيه، ويتجاوزوا موقف وقرار لجنة الخدمات التي قد يبدو لي ولمعظم أهل البحرين أنها تتخذ قرارها وموقفها من برج عاجي، بينما كثير من عائلات المتقاعدين المعنيين بالمشروع والزيادة عادت لتحسب معيشتها بالروبية، وليس بالدينار..!
لذلك، قلت في بداية مقالتي إننا اليوم أمام جلسة تاريخية لمجلس موقر ظل طوال عمره ينحاز إلى الوطن وأهله، وإلى الأقل حظاً فيهم على نحو خاص، وإلى الضمير والكرامة الوطنية،
وقلت إن نحو 200 ألف بحريني ينتظرون جلسة اليوم وما سوف تسفر عنه، ليس لما تعنيه حفنة الدنانير التي تتضمنها الزيادة (المفترضة)، بل لما في هذه الجلسة من إجابة على سؤال مهم جدا وكبير، وهو: أين يقف مجلس الشورى من هموم الناس وقضاياهم..؟! بل أين يقف من حياة ومعيشة فئة عريضة جداً من أهل البحرين، كان لهم شرف خدمتها والمشاركة في مسيرة نهضتها وتنميتها، وأدوا ما عليهم للوطن بكل أمانة وإخلاص..
وما أقوله اليوم باسم هؤلاء الـ 200 ألف مواطن من أهل البحرين، ليس استعطاءً ولا استجداءً، بل هو حق لهم علينا وعلى الوطن وعلى مجلس الشورى وأعضائه ولجانه..! وإذا كانت الصحافة توقعت جلسة ساخنة، فإنني أتطلع إلى جلسة تكون برداً وسلاماً على قلوبنا وقلوب المعنيين.. والسلام ختام.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية