العدد 1552
الأحد 13 يناير 2013
banner
التشكيك في القضاء خيانة
الإثنين 06 مايو 2024

التشكيك في أحكام القضاء خيانة للوطن بكل المقاييس ،والذين يشككون في أحكام القضاء هم أصحاب النوايا السيئة تجاه الوطن واستقراره وبقائه قويا موحدا.
القضاء هو الملاذ الأخير لكل مواطن وهو الضمان الأكيد للحقوق والسند لكل مظلوم،وبالتالي فإن من يسعى لضرب نزاهة القضاء وحياده واستقلاله في أذهان الناس هو في الحقيقة يخطو خطوته الأولى على طريق السعي لهدم الوطن نفسه.
يستطيع الناس أن يعيشوا لفترة بدون برلمان ويستطيعوا أن يعيشوا فترات أطول بدون دستور، بل هناك من الدول القوية في العالم من تعيش بلا دستور،ويستطيع الناس أن يعيشوا بدون هذه الوزارة أو تلك ،ولكنهم لا يستطيعون العيش بدون قضاء،بل إن الدول تنهار وتزول إذا سقط فيها القضاء أو أسقط.
ولذلك ينبغي تنشئة  الصغار والشباب على احترام القضاء والثقة فيه كما يتم تنشئتهم على احترام رجل الدين واحترام الأبوين ليس من باب التعظيم والتفخيم لهذا القضاء ولكن من باب الحماية لسلوك وطريقة تفكير الشباب،فالإحساس بوجود قضاء عادل ونزيه ومقدس يمكن أن يقوم سلوك هؤلاء الشباب ويملأ نفوسهم بالاطمئنان على أنفسهم ومستقبلهم لأن القضاء سيضمن لهم حقوقهم عندما يلجأون إليه في هذا الموقف أو ذاك،ولكن تنشئتهم على عدم الثقة في العدالة يجعلهم أكثر ميلا للعنف وثقافة الغاب وأخذ الحق بالقوة.
ولاشك أن هذه التنشئة لا تنعكس فقط على سلوك المواطن العادي وتعامله مع القضاء ولكنها تنعكس على المسئول الكبير أيضا،فعندما يكون وزيرا أو صاحب نفوذ كبير في الدولة سوف ينصاع لأحكام القضاء ويقدسها.لأنه تربى على أن احترام القضاء شيء واجب على الكبير والصغير.
 القاضي يجتهد دوما لكي يجعل حكمه عنوانا للحقيقة وفق ما يتوفر أمامه من معلومات وشهادات وأدلة قاطعة يطمئن لها عقله وقلبه،ورغم كل هذا فهو بشر قد تغيب عنه بعض الأمور أو لا تتضح على وجه اليقين فيأتي الحكم على وجه من الأوجه غير مرض لطرف من الأطراف،ولذلك فالقانون يحدد آليات معروفة للطعن على الأحكام وإعادة المحاكمات ضمانا لتحقيق العدالة للجميع.
وعندما يتم قبول الطعن أو الاستئناف فيما يتعلق بقضية معينة فإن هذا لا يعني أن القاضي الذي اصدر الحكم الأول قد قصر أو تهاون في سعيه لإظهار الحقيقة أو تحقيق العدالة،ولكنه يعني حسب معلوماتي أن جوانب معينة أو معلومات أو أدلة لم تكن متوفرة أمامه فحكم على القدر الذي توفر لديه.
هذه المراحل التي تمر بها عملية التقاضي تؤدي من وجهة نظري إلى تحصين القضاء من داخله وإحاطته بهالة من الاحترام تمنع من هم خارجه من النيل منه بأي شكل من الأشكال،إلا الذين في قلوبهم مرض والذين يسعون لهدم مؤسسات الدولة ونشر الفوضى فيها تحقيقا لأغراض بعيدة عن مسألة تحقق العدالة أو عدم تحققها.
وفي النهاية فإن أي حصانة أو استقلال يمنح للقضاء هو في الحقيقة ليس منحة للقضاة أو ميزة فئوية تجعلهم أعلى من غيرهم قدرا ولكنها حماية وتحصينا للمظلوم وضمانا لحقه.
 مع تقديم كل الاحترام لقضائنا البحريني النزيه الذي لن تنال منه ألسنة  القلة المنفلتة التي تشوه كل شيء جميل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .