العدد 1448
الإثنين 01 أكتوبر 2012
banner
جمعية الوفاق... شكرا على هذا التوضيح
الأحد 05 مايو 2024

من الطبيعي جدا أن توقع إحدى عشرة جمعية سياسية بحرينية على بيان يرفض التدخل الإيراني في شؤون البحرين وشؤون دول مجلس التعاون الخليجي، فماذا ينتظر من جمعيات سياسية بحرينية سوى ذلك، مهما اختلفت أو اتفقت مع الحكومة البحرينية، لأن التدخل الأجنبي يعني الاعتداء على سيادة الشعب كله، وليس فقط على الذين يحكمون هذا الشعب.
ومن الطبيعي جدا جدا أن ترفض جمعية الوفاق التوقيع على هذا البيان، ومن يعتقد بغير ذلك فهو مخطئ أو غير مطلع على نشأة وتاريخ وأهداف هذه الجمعية.
أنا لم أستغرب مطلقا عدم قيام جمعية الوفاق وذيولها بالتوقيع على البيان الذي صدر ووقعت عليه بقية الجمعيات، ولو كانت قد فعلت العكس لما صدقناها.
لو وقعت الوفاق على هذا البيان لكان ذلك نوعا من التقية المتفق عليها بين هذه الجمعية وبين مرجعياتها الخارجية والداخلية، ولكنها تصرفت هذه المرة بصدق تام مع نفسها وباتساق تام مع منهجها وخطتها.
الأمر قد يشكل صدمة للبعض ممن يعتبرون عدم رفض التدخل الأجنبي في شؤون الوطن خيانة أو طعنة لهذا الوطن، ولكن المشكلة أن الوفاق وغيرها من الأحزاب والجمعيات المخلصة لنظرية الولي الفقيه لديها مفهوم آخر للوطن غير الذي يعرفه كل الوطنيين المخلصين للتراب والتاريخ والجغرافيا ووحدة اللغة ووحدة المصير.
الوطن لدى الوفاق ولدى حزب الله اللبناني له محددات وسمات يقررها الولي الفقيه ولا علاقة لها بالجغرافيا ولا بالتاريخ ولا بالقومية الواحدة.
كيف توقع الوفاق على بيان يرفض التدخل الأجنبي في شؤون البحرين ودول مجلس التعاون وهي التي تعتمد في استراتيجيتها العامة وفي تحركها أساسا على التدخل الأجنبي وعلى الدعم الاعلامي والسياسي وربما المالي لملالي إيران، وتمارس كل ما تمارسه من احتجاجات وأعمال عنف وفق إشارات تأتي من خارج الحدود؟
قد يقول قائل إن الفرق بين المعارضة الوطنية والمعارضة غير الوطنية هو أن الأخيرة تقبل بالتدخل الخارجي في شؤون بلدها وتقبل أن تكون طابورا خامسا يطعن هذا البلد في ظهره وتنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يتم فيه ضرب هذا الوطن في مقتل من قبل أعدائه الخارجيين، ولكن هذا المفهوم لا يصلح ليكون أساسا للحكم على جمعية الوفاق البحرينية التي هي صورة طبق الأصل من حزب الله اللبناني التابع لايران، وبالتالي فهي تكون في قمة الوطنية عندما تعمل ضمن السياسة العامة والأهداف الواضحة للدولة الايرانية ولا تعتبر طعنها للبلد الذي تعيش على أرضه خيانة.
تلك هي الحالة في البحرين، وليس جديدا أن تعمل الوفاق وفق هذه النظرية، فالاقامة والتاريخ الطويل واللغة الواحدة لا تعني الاندماج والانتماء والولاء، طالما أن الانسان يفتح عينيه وأذنيه دوما لترقب الاشارات القادمة من بعيد، حتى وإن كانت هذه االاشارات تريد هدم الوطن (بمفهومنا نحن طبعا).
فشكرا لجمعية الوفاق على هذا التوضيح البليغ، والاعتراف سيد الأدلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .