العدد 1441
الإثنين 24 سبتمبر 2012
banner
نساء إيران ونساء توجو
الأحد 05 مايو 2024

من أغرب ما قرأنا هذا الأسبوع قيام السلطات الإيرانية بإصدار قرار لا مثيل له في العالم كله، سواء في الدول الاسلامية أو غير الاسلامية، ذلك القرار الخاص بحرمان النساء من دراسة العديد من التخصصات العلمية في الجامعات، مثل دراسة الهندسة المعمارية والكمبيوتر والأدب الانجليزي وتخصصات أخرى.
هذا القرار لا يمكن تبريره من أية زاوية دينية كانت أو دنيوية، ولا يمكن التعليق عليه إلا بعبارة “شر البلية ما يضحك”، وأعتقد أن صاحب هذا القرار سيدخل التاريخ من نفس الباب الذي دخل منه معمر القذافي في ليبيا ومن قبله الحاكم بأمر الله في مصر، فالأول قام بتحريم دراسة اللغة الانجليزية في المدارس، وطالب بجعل الحج مرتين في العام تخفيفا للزحام الشديد الذي يحدث في المملكة العربية السعودية في هذا الموسم المقدس، والثاني قام بتحريم طهي وتناول الملوخية في مصر، ولكنه لم يذكر السبب كما فعل القذافي.
لا يمكن أن يكون هذا القرار مستندا إلى مبرر ديني، خاصة أن النساء الايرانيات الدارسات بالجامعة قد زاد عددهن بعد ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه وأتت بحكم الملالي، حتى زاد هذا العدد، بحسب ما علمنا، عن عدد الرجال الدارسين بالجامعات، كما أن السلطات الايرانية قامت بمنع الاختلاط بين الجنسين داخل الجامعات وأقامت مداخل خاصة وقاعات محاضرات ومطاعم خاصة بالنساء تكريسا لهذا المنع.
ربما يكون حكم الملالي قد تضرر وشعر بالخطر بسبب التنوير الزائد لعقول النساء والذي أدى بدوره إلى مشاركتهن بشكل واسع في مظاهرات ضد أركان النظام الحالي، خاصة عقب الاعلان عن فوز أحمدي نجاد في الانتخابات التي رفض الشعب الايراني نتائجها وثار ضدها، وبالتالي فهم يسعون إلى إعادة المرأة إلى البيت بالتدريج حتى لا يكون الأمر بمثابة صدمة للداخل والخارج معا، فهذا العام مثلا منعن من دراسة هذه المجموعة من التخصصات، وفي العام القادم يتم منعهن من دراسة موضوعات أخرى، وبعده يتم تحويلهن إلى الدراسة بنظام الانتساب، وهكذا يتم تحقيق المطلوب بالتدريج.
وسواء كان قرار حرمان النساء من الدراسة نوعا من الانتقام بسبب تظاهرهن ضد النظام أو كان لأي سبب آخر في بطن الشاعر الايراني، فنساء إيران ليس أمامهن سوى اتباع نظام المقاومة الذي اتبعته نساء توجو ومن قبلهن نساء ليبريا، ومن قبلهن نساء أثينا القديمة.
نساء توجو قمن قبل أيام بإضراب عن ممارسة الجنس لمدة أسبوع لإجبار الرجال على الانضمام للمعارضة الرافضة لترتيبات انتخابية أجرتها الحكومة لضمان فوز الرئيس الذي ظل يحكم سنوات طويلة، ونساء ليبريا قمن في العام 2003 بنفس الشيء لاجبار الرجال على وقف العنف ونشر السلام في ربوع البلاد، ونساء أثينا القديمة فعلن نفس الشيء لوقف الحرب التي دامت سنوات طويلة، ولكن لابد أن يكون إضراب نساء إيران مفتوحا حتى تتحقق مطالبهن.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية