العدد 1329
الإثنين 04 يونيو 2012
banner
ما هذا يا مصر؟
الأحد 28 أبريل 2024

ما حدث في مصر عقب النطق بالحكم على الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العدلي قبل يومين هو شيء لا يليق بمصر ولا بثورتها، فالقضاء قال كلمته وحكم بالمؤبد على الرئيس ووزير داخليته وهو أشد حكم يمكن تخيله في ظل ما عرف عن ملابسات هذه القضية؟
لماذا دفع الإخوان المسلمون شبابهم للخروج إلى الميدان مرة أخرى في الوقت الذي كانت تتجه فيه البلاد نحو الاستقرار، خاصة أن أسبوعين فقط يفصلان بيننا وبين تنصيب الرئيس الجديد؟
ولماذا خرج مرشح الإخوان محمد مرسي وأطلق تصريحاته غير المسؤولة التي هيجت الشارع وحرضت شباب الإخوان على الخروج إلى التحرير من جديد؟ هل يليق برجل يستعد للجلوس على كرسي الرئاسة أن يقوم بإهانة قضاء بلده وتشكيك الناس في أحكامه؟ كيف يعلن أنه سيعيد المحاكمة بأدلة جديدة بعد أن يصبح رئيسا؟ إذا كانت لديه أدلة أخرى فلماذا لا يقدمها للقضاء في الوقت الحالي؟
كان الأجدر برجل يستعد لتولي المنصب الأرفع في أكبر دولة عربية أن يكون حريصا على تهدئة المنفعلين الذين لا يدركون نتائج التشكيك في أحكام القضاء ولا يفهمون كيف يحكم القاضي، كان عليه أن يخرج ويتصرف كرجل دولة، ويقول لأتباعه أن القاضي يحكم بالجزم واليقين ولا يحكم بالظن والتخمين.
كان على مرشح الإخوان المسلمين أن يقدم المثل والقدوة ويضع مصر بين عينه ويقدم مصلحتها واستقرارها على المزايدات الانتخابية.
إذا سقطت مصر في الفوضى بعد هذه الحادثة، فلن يغفر الله لمن يتاجرون بدماء الشهداء ويسرقون الثورة ويوظفون كل شيء لخدمة أهدافهم الانتخابية مهما كان هذا على حساب استقرار بلادهم.
لن يرحم التاريخ الانتهازيين الذين لا تهمهم مصر ولا المصريين ولا ينشغلون بشيء سوى الانقضاض على الحكم قبل أن يصحو الشعب ويراجع نفسه.
لقد تابعنا على شريط الأخبار كيف رحبت منظمة العفو الدولية بهذا الحكم وكيف وصفت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحكم بأنه يستوفي شروط المحاكمة العادلة، فلماذا خرج الثوار إلى التحرير مرة أخرى؟ إنني شخصيا أشعر بقلق شديد على مستقبل الأوضاع في مصر، لأن الذين حشدوا الشباب ضد حكم قضائي يستطيعون بشكل أيسر أن يحشدوه ضد نتائج انتخابات الرئاسة مهما كانت نزيهة.
فإذا كان القضاء الذي هو الملاذ الأخير قد أسيء إليه، فلن يثق الشعب في أي شيء آخر وسوف تسود شريعة الغاب.
لماذا تريدون تشويه الصورة التي عرفها العالم عن الثورة المصرية وعن التعامل الحضاري مع الرئيس المخلوع ومنحه محاكمة عادلة امام القاضي الطبيعي؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية