العدد 1253
الثلاثاء 20 مارس 2012
banner
صبرا أيتها السوريات... فالحرية سلعة غالية
الإثنين 29 أبريل 2024

عام مضى والدماء لا تزال تسيل، عشرة آلاف سقطوا ولم يتغير شيء، ولا جديد سوى حرمان الناس من الفرار من الموت المحقق، فإما الخضوع وإما الموت، لا يوجد بديل ثالث لأن الحدود تم تلغيمها ولا سبيل للخروج، وأي فرار سيكون فرارا من الموت إلى الموت.
حتى الرحيل عن وطن لم يعد به لهم أمنا أو سكنا أو لقمة هو أيضا جريمة لابد أن يقتلوا بسببها.
عام كامل وأطفال سوريا في خوف ونساء سوريا يذرفن الدموع على الذين رحلوا، عام كامل والعالم كله مجلل بالعار.
إنني أشعر بالعار وانا أنظر إلى صورهن على شاشة التلفاز ولا أستطيع أن أقدم لهن شيئا سوى الدعوات ومشاركتهن الحزن والبكاء.
بعد عام من المعاناة لا يسعنا إلا أن نقول للسوريات صبرا صبرا فالحرية كانت ولا تزال سلعة غالية،وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق.
سامحوني أيتها السوريات الماجدات، فأنا لا أملك سوى الكلمة ولا أستطيع أن أقدم أكثر من الرثاء والدعوة للصبر والثبات لأن المشوار ربما يطول ولكن النصر حتمي بإذن الله.
علمنا شيوخ الدين أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وأن الله يرفعها فوق الغمام ويقول لصاحبها “وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين”، وها هي رائحة الظلم ورائحة الدم تملأ أجواء سوريا.
وتعلمنا من أساتذتنا أن تاريخ الثورات هو تاريخ الانتصار في النهاية، فعليكن بالثبات والصبر مهما كان حجم التضحيات فكل شهيد يسقط يهدم ركنا من أركان النظام.
كل الحكام يرحلون ولكن الأوطان والشعوب تبقى كما هي، الفرق بينهم يكون فقط في الطريقة التي يرحل بها كل حاكم، فمنهم من يرحل ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه ويظل حاضرا بروعته وعظمته في ذاكرة الأمة، ومنهم من يرحل ويكتب لنفسه صفحة سوداء في تاريخ شعبه ويظل مثالا للظلم على مر التاريخ.
إبراهام لنكولن رحل بعد أن حمى الولايات المتحدة من التفكك والانهيار وأعطاها وجها أجمل بعد أن أرسى قواعد العدل بين البشر. إبراهام لنكولن استحق مكانته العظيمة في تاريخ الولايات المتحدة وفي تاريخ الإنسانية لأنه استطاع أن يمسك بزمام اللحظة ويفعل كل شيء في أوانه الصحيح ويقول ما يجب قوله في كل موقف.
ولكن الحكام الذين لا يستطيعون الإمساك بزمام اللحظة ويؤخرون إلى الغد ما يجب القيام به اليوم،فلا يستحقون سوى مزبلة التاريخ.
ولدينا في العالم العربي حكاما عاشوا في الحكم أربعين عاما ولم يفهموا حركة التاريخ واعتقدوا أن أجهزة الأمن الكثيفة التي تحيط بهم يمكنها أن تغير نواميس الكون وتحول دون لحاقهم بغيرهم ممن أصابوا أو أخطأوا.
والنظام السوري حتما سيسقط لأن التاريخ هو الذي يقول ذلك، فكل نظام خاض في دماء شعبه سقط مهما طال بقاؤه ومهما كانت سطوة آلة القمع التي تحميه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .