العدد 1231
الإثنين 27 فبراير 2012
banner
نتحد... أو نبقى ريشة في مهب الريح!
الإثنين 29 أبريل 2024

قرأت في أدبيات عديدة عن وجود تحالف خفي أو تحالف ضمني بين الولايات المتحدة وبين إيران على حساب دول الخليج العربي على وجه الخصوص، وقرأت كتابا صدر عام 2008 تحت عنوان: “حلف المصالح المشتركة” عن العلاقات الخفية بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل.
هذا الكتاب وغيره يستند إلى فكرة أن عالم السياسة والعلاقات الدولية تشبه جبل الجليد الذي لا يظهر منه سوى قمته ويختفي معظمه وأن الدول أحيانا تظهر شيئا وتفعل غيره في الخفاء، ولكنني رغم ذلك أستغرب وجود هذا التحالف في ظل هذا الضجيج الإعلامي والتصريحات العدائية والتهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، ناهيك عن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها أمريكا وأوروبا على إيران وما ينشر بين الحين والآخر عن خطة إسرائيلية معدة لضرب إيران عسكريا، ورد الفعل الإيراني حول ذلك وتهديد الإيرانيين بحرق المنطقة إذا هوجمت بلادهم!
لكن الذي يخيفنا ويجعلنا نميل إلى تصديق ما يقال عن هذا التحالف ليس فقط لأننا عرب نؤمن بالمؤامرة نتيجة لما تعرضنا له من غدر على مر التاريخ، ولكن بسبب انشغال الدكتور عبدالله النفيسي كمفكر عربي ورجل من أصحاب الرؤيا الاستراتيجية البعيدة بهذا التحالف.
نعم أقول ذلك دون مبالغة فالدكتور النفيسي دائما يقنعنا بتحليله للأحداث وتوقعاته التي يبنيها على أسباب مقنعة.
الدكتور عبدالله النفيسي مهموم منذ سنوات بمسألتين مرتبطتين ببعضهما البعض، أولهما وجود ذلك التحالف الخفي بين أمريكا وإيران وسعي هاتين الدولتين لتحقيق مصالحهما على حساب العرب رغم ما هو معلن من صراع بين الدولتين.
وكان آخر ما ذكره النفيسي حول هذا التحالف الغادر خلال محاضرة له في البحرين هو وجود صفقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بشأن الوضع العام في الخليج، تهدف إلى تمكين الأخيرة من دول الخليج وتسهيل انقضاضها عليها في المستقبل القريب معربا عن خشيته من تلك الصفقة التي تحاك خيوطها في الخفاء. وتحدث عن لجنة مشتركة للتنسيق السري بين الدولتين في العاصمة الأمريكية.
والمسألة الثانية المرتبطة بسابقتها هي ضرورة أن تتوحد دول الخليج الست في كيان واحد لكي تتمكن من مواجهة الأخطار والمؤامرات التي تحاك لها.
ومن أخطر ما قاله النفيسي تأكيدا للخطر الذي يتوقعه وضرورة مواجهته بالوحدة، أنه “حضر في عام 1992 مؤتمرا حول مستقبل دول الخليج بعد غزو الكويت، وفيه نوقشت ورقة عمل تؤكد زوال الدول الخليجية الأربع الصغيرة عام 2025 مع بقاء وحيد للمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان واليمن، لافتا إلى أن ذلك كان بالون الاختبار الذي يجب أن نلتقط من خلاله إشارة الغرب ونستبق خطواتهم بالاتحاد بين دول الخليج”.
وسواء كانت مخاوفنا ومخاوف الدكتور النفيسي مبنية على حقائق أم ناتجة عن إيماننا التاريخي بنظرية المؤامرة، فإن مسألة الوحدة الخليجية لا يجب تأخيرها لأن الكيانات الكبيرة الموحدة هي صاحبة الغلبة وصاحبة الكلمة العليا في العالم.
فحتى لو افترضنا أن الولايات المتحدة وإيران ليس بينهما أدنى تحالف وأنهما يكنان عداء كبيرا لبعضهما البعض وأنهما لم يدبرا شيئا ضدنا لا في الماضي ولا في الحاضر، فما الذي يضمن أن تظل صيغة العلاقة بينهما على ما هي عليه في قادم الأيام؟
وزبدة القول اننا لابد أن نتحد مهما كان ثمن هذه الوحدة، وإلا فسنكون كالريشة في مهب الريح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .