العدد 996
الخميس 07 يوليو 2011
banner
أسئلة حول الملكية الدستورية
الأحد 28 أبريل 2024

«الملكية الدستورية» هي أكثر التعبيرات التي ترددت خلال الأيام الماضية، سواء في الأدبيات السياسية العربية، أو في المجالس والمحافل المختلفة.
فمنذ انطلقت الحركات الشعبية في غالبية الجمهوريات العربية، بدأت الأصوات المطالبة بالتغيير في الممالك العربية تطالب بتطبيق الملكية الدستورية، على اعتبار أن الأسباب الأخرى التي تبرر الدعوة للتغيير ليست متوفرة في الممالك والإمارات العربية، خاصة النفطية منها؛ لأن هذه الممالك نجحت إلى حد كبير فيما فشلت فيه الجمهوريات، والمقصود هنا هو النجاح في مجالات التنمية الشاملة، وبخاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية ومتطلباتها.
وعلى مسئوليتي الخاصة أقول إن الفقر هو الذي زلزل الجمهوريات العربية المختلفة أكثر مما زلزلها كبت الحريات وغياب الديمقراطية.
ولأن المحاكاة هي أكثر ما يميز الشعوب العربية، فكان ولابد من إيجاد أسباب للتمرد في الملكيات والإمارات هي الأخرى على الرغم من أن شعوب هذه الدول تتمتع بمستويات معيشية تفوق بكثير مستويات الشعوب الأخرى.
فهل الملكية الدستورية بكل مكوناتها الموجودة في بريطانيا وغيرها، والتي يطالب بها البعض في بعض الدول العربية، ومن بينها البحرين، هي ضمان كاف لتقدم هذه الدول وإنهاء الكلاش السياسي الدائر فيها حاليا؟ أم إنها ليست وصفة أكيدة المفعول في ظل أوضاع خاصة في هذه الدول وعلى رأسها البحرين؟ أم إنها يمكن أن تؤدي إلى تغول فئة معينة على حساب غيرها من الفئات، وتكون النتيجة ظهور فئات مقهورة بسبب هذا التغول؟
هل الملكية الدستورية التي استغرق تبلورها قرونا طويلة في بريطانيا تصلح للاستنساخ بحذافيرها في مملكة البحرين، أم إن لكل دولة ظروفها الخاصة التي لا تسمح باستيراد نماذج جامدة؟ وهل الديمقراطية الغربية بشكل عام نصوص مقدسة لا تقبل التعديل ولا تقبل الحذف ولا الإضافة، أم إنها اجتهادات بشر حدثت في سياقات وظروف تاريخية معينة قد لا تتفق بالضرورة مع ظروف جميع الدول؟
ليس الهدف من هذا الكلام هو تبرير حالة بحرينية قائمة أو تبرير لحالة منتظره، ولكن الهدف هو الدعوة للتعقل وصياغة مستقبل البحرين بالشكل الذي يناسب البحرين ويضمن لها وحدتها وتلاحم أهلهاعن طريق حياكة الثوب الذي يناسبها.
عندما وقف الرئيس الصيني «هو جنتاو» في الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي التي حلت قبل أيام، وقال إنه لا تفكير في تطبيق الديمقراطية بمواصفاتها الغربية في الصين، هل قال ذلك لأنه فاسد أو كاره للصين أو عميل لقوى دولية معينة؟
«هو جنتاو» قال إن الصين ستواصل تنمية الديمقراطية الاشتراكية تحت قيادة الحزب الشيوعي. وذكر أن بلاده لا تزال تمر بالمرحلة الأولية من الاشتراكية، وستبقى كذلك فترة طويلة. كما أعلن الرئيس الصينى أن الحزب الحاكم سينفذ مهمته الرئيسة المتمثلة في التنمية الاقتصادية للبناء على إنجازات ثلاثين عاما من الإصلاحات الاقتصادية.
معنى هذا أن هناك دولا يمكن أن تفشل في ظل وجود الديمقراطية، وهناك دول يمكن أن تنجح في ظل أنظمة أخرى تتفق مع ظروفها، والتجربة الصينية خير دليل على ذلك، فهل تقنع جمعية «الوفاق» ومن يسير في ركبها بأن «الملكية الدستورية» التي يتطلعون، ليس من شأنها حل المعضلة البحرينية؟!
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية