العدد 954
الأربعاء 25 مايو 2011
banner
الاحتجاجات العربية.. “ليس كل ما يلمع ذهبا”
الإثنين 06 مايو 2024

خلال متابعتي للاضرابات الشعبية العربية رأيت أن أتابع التلفزيون السوري لكي اعرف وجهة النظر السورية الرسمية تجاه ما يجري من احتجاجات ،ووجدتني أمام برنامج حواري يشارك فيه مدير مركز يافا للأبحاث بالقاهرة، الدكتور رفعت سيد أحمد، الذي قدم تشريحا جيدا ومنطقيا لما يجري حاليا في العالم العربي من ثورات حقيقية وثورات مزورة،وقال في بداية تعليقه على ما جرى وما يجري في العالم العربي  أنه”ليس كل ما يلمع ذهبا”
الدكتور رفعت سيد أحمد ،وهو مصري ،اعتبر الثورة الحقيقية هي تلك التي حدثت في مصر وفي تونس،أما غالبية الاحتجاجات التي وقعت في دول عربية أخرى فهي عبارة عن مؤامرات خارجية ذات اهداف محددة استغلت أوضاع اجتماعية معينة في هذه الدول واستخدمت ما حدث في مصر وتونس كقوة دافعة لتحريك الجماهير في هذه الدول لغايات خاصة بدول أخرى.
وكان لابد أن تبادر مقدمة الرنامج بالسؤال الذي سينطق به كل من يشاهد برنامجها،وهو:لماذا نقوم دائما باستدعاء نظرية المؤامرة من الأدراج عندما يكون هناك ما يمس الأنظمة الحاكمة؟وأضافت:أن الكثير من الناس يرفضون هذا التفسير للأوضاع العربية،ويتهمون من يتبناه بالانتقائية وبالمحاباة لبعض الأنظمة،على اعتبار أن ما حدث في مصر لا يختلف عن الذي يحدث في سوريا حاليا،فكيف نقول تلك ثورة وهذه مؤامرة.
والحقيقة أن رد الدكتور جاء مقنعا ومعبرا بشكل علمي عن ما يجري في العالم العربي،وبين أن الكثير مما يلمع حاليا ليس ذهبا ولكنه من أردأ المعادن،وقال أن ما حدث في مصر ثورة مائة بالمائة لسببين:السبب الأول أن الشعب كله اتفق عليها واتفق على ضرورة تغيير النظام ولم تكن المسألة قاصرة على فئة أو طائفة معينة،ولم يقل الدكتور أن الجيش أيضا اقتنع بمطالب الشعب وأعلن تقديره واحترامه لها وقام بحماية الثورة وأهدافها ومنع سقوط الدولة المصرية في الفوضى.
أما السبب الثاني ،وهو سبب غاية في الأهمية،فهو عدم اللجوء للأجنبي في السعي لتحقيق أهداف وطنية،وبين الدكتور رفعت أن المصريين لم يستعينوا بالأجنبي لا قولا ولا فعلا، ولم يقبلوا أي تدخل،بل إن العكس هو الصحيح،فقد كان الموقف الأمريكي غامضا تجاه الثورة المصرية ولم يكن يتمنى نجاحها،رغم التصريحات اللاحقة للإدارة الأمريكية حول ضرورة تسليم السلطة في مصر،واستدل المتحدث بأن القنابل التي تم ضرب المتتظاهرين بها تبين أنها قنابل أمريكية.
ورغم تأييدي للمطالب العادلة للشعب السوري الشقيق،إلا أنني مقتنعة أن ما يجري في سوريا على وجه الخصوص،ليس ثورة بالمفهوم الكامل للثورة،ولكنه مجموعة من الاحتجاجات بسبب أوضاع اجتماعية معينة يجري استغلالها من قبل الولايات المتحدة لعمل شيء ضد سوريا الدولة ،وليس ضد النظام السوري فحسب،فالمطلوب استغلال الظروف الحالية في التخلص من سوريا عن طريق دفع الأوضاع فيها إلى الأسوأ لكي تتم المطالبة بتعميم النموذج الليبي فيها.
بعد أن انتهت هذه الحلقة التلفزيونية،تمنيت لو أن الرئيس بشار الأسد قام بتفويت الفرصة على الساعين لتدمير الدولة السورية من أجل مصلحة إسرائيل،تمنيت لو أن الرئيس الأسد قام بوضع كل القضايا على المائدة مع ابناء شعبه وحول اللحظة الحالية إلى لحظة تاريخية في فترة حكمه عن طريق إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تقطع الطريق على الساعين للنيل من سوريا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية