العدد 838
السبت 29 يناير 2011
banner
“الجزيرة” والسلطة الفلسطينية
الإثنين 06 مايو 2024

بصرف النظر عن صحة المستندات التي نشرتها قناة الجزيرة عن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وبغض النظر عن المصدر الذي قدم هذه الوثائق للجزيرة، فإن روح الانتقام والتنكيل واضحة إلى أقصى درجة في نبرة مقدمي البرامج وفي التضخيم السابق لمضمون هذه الوثائق من قبل نشرها.
قناة الجزيرة تمارس نوعا من الاضطهاد الواضح للسلطة الفلسطينية في رام الله، الذي يتابع مضامين ما تقدمه الجزيرة عن حركتي فتح وحماس يجد الجزيرة تدير حملة منظمة للتشهير بحركة فتح وبمنظمة التحرير الفلسطينية وبرموزها، وتتصرف وكأنها طرف في القضية الفلسطينية وليس مجرد وسيلة إعلامية تسعى للحقيقة بحياد تام.
ليس معنى هذا الكلام أن حركة فتح مبرأة من كل عيب وأن جميع قادتها ورموزها فوق الشبهات، لكن الذي نريد قوله ان قناة الجزيرة سعت لهذه الوثائق لتستخدمها كأداة جديدة ولتخلق مناسبة جديدة للتشهير بفتح وبمنظمة التحرير والسعي لإسقاط الحركتين وإزالة أي شرعية تتمتعان بها.
هناك فرق بين التغطية الإعلامية التلقائية البعيدة عن التخطيط المسبق وبين حملات التشهير التي تسعى لخلق الأدلة وحشدها لتخدم أهداف هذه الحملات. وما تقوم به الجزيرة تجاه القضية الفلسطينية وتجاه حركة فتح على وجه الخصوص يدخل في نطاق الحملات المخططة وليس التغطية المهنية المحايدة.
حركة فتح لها أخطاؤها، والرئيس الفلسطيني له أخطاؤه وحركة حماس لها أخطاؤها وجميع الحركات الفلسطينية لها أخطاؤها، ولكن قناة الجزيرة تتبنى موقفا معاديا لفتح فقط وللرئيس الفلسطيني وتسعى للإطاحة بهما، ليس فقط لأن الجزيرة منحازة لصالح حركة حماس، ولكن لأن الجزيرة تخدم مواقف سياسية معينة لدول معينة في المنطقة.
وهذه النقطة لم تعد محل نقاش بعد أن بينت وثائق ويكيليكس أن الجزيرة استخدمت كثيرا كأداة ضغط ومساومة مع أطراف معينة في المنطقة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية على وجه الخصوص.
نحن لسنا ضد حماس ولا غيرها من حركات المقاومة الفسطينية، رغم كثرتها وأخطائها وارتباطها بجهات خارجية تسعى لمصالحها الخاصة وليس لمصلحة القضية الفلسطينية، ولكن تركيز الجزيرة على فتح والفتحاويين والتشهير بهم شيء واضح ولا يحتاج إلى دليل.
ما تقوم به الجزيرة من استهداف دائم للسلطة الفلسطينية يعود بضرر كبير على القضية الفلسطينية برمتها ويؤدي إلى توسيع الفجوة بين فتح وحماس ويعمق الصراع الفلسطيني ويجعل المصالحة الفلسطينية من رابع المستحيلات، وهذا وضع لا يخدم إلا العدو الصهيوني.
فهل تريد قناة الجزيرة دفع القضية الفلسطينية في طريق التصفية؟ أم ماذا تريد بالضبط من صب الزيت على النار بين الفرقاء الفلسطينيين؟ قناة الجزيرة التي أتت لنا بليفني وموردخاي على شاشتها وخصصت الوقت للناطق باسم الجيش الإسرائيلي ليوجه حربه النفسية للفلسطينيين والعرب عندما كان أطفال فلسطين يذبحون في غزة، هل يمكنها أن تنبش في وثائق تخص حركة حماس أو حزب الله أو إيران أو غيرها من الوثائق القديمة؟ أم أنها تستأسد فقط على السلطة الفلسطينية؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية