عندما وقعت المحاولة الانقلابية الطائفية في البحرين، كنا نخشى سقوط النخب العربية في فخ القياس الخاطئ والنظر إلى ما يجري في البحرين بنفس المنظار الذي ينظرون به إلى الحركات الشعبية العربية الأخرى التي اندلعت بسبب أوضاع اجتماعية بائسة في هذه الدول.
وشعرنا بالانزعاج عندما ظهرت كتابات متعجلة في بعض الصحف العربية ذات مضامين ظالمة للبحرين.
ولكن بمرور الوقت اتضحت الصورة وبدأ الكثيرون يضعون الأوضاع في البحرين في حجمها الطبيعي وفي مكانها الذي تستحقه، بعد أن عبرت الحالة الطائفية في منطقتنا عن نفسها بوضوح وأصبحت واضحة كالشمس.
والحمد لله أننا بدأنا نسمع تصريحات تبين أن الأمر صار مكشوفا لفئات ذات تأثير في بلادها، مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث جاء حديث خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين معبرا بدقة عما يجري في المنطقة، فإيران فعلا تشعر بالتوتر، لأن الأمور في المنطقة العربية سارت عكس ما تمنته إيران وخططت له، ففي الوقت الذي سعت فيه من خلال عملائها في البحرين إلى إحداث انقلاب يمكن الذين يدورون في فلكها من القفز على الحكم وإنهاء عروبة البحرين، تعرض النظام السوري أكبر حليف لها في المنطقة إلى هزة عنيفة وسارت الأمور في سوريا في نفس الاتجاه الذي سارت فيه في ليبيا وفي اليمن، وسوف يسقط النظام السوري أيضا حتى وإن طال الوقت نسبيا لأن الأمور في سوريا وصلت إلى طريق اللاعودة بالنسبة لنظام الرئيس بشار الأسد، ولم يعد الناس يقتنعون بحكايات الممانعة والنضال والصمود الذي لم يحرر شبرا من الأرض ولم يوفر رغيف الخبز للفقراء.
عندما قامت الثورة المصرية، كانت إيران موجودة في ميدان التحرير، وكان المرشد الأعلى الإيراني يبارك الثورة ويحرض الشعب المصري على المزيد من الاحتجاجات ويعلن إن الثورة في مصر وتونس انتصار للحركة الإسلامية، ولكن تصريحات النائب الأول لمرشد الإخوان المسلمين في مصر تنسف كل أحلام المرشد الأعلى الإيراني، خاصة و أن إيران كانت تحلم بالتغلغل في مصر من بوابة الإخوان المسلمين، على اعتبار أن الإخوان هي الحركة الإسلامية القوية المرشحة للعب دور في مصر خلال المرحلة القادمة، ولأن مصر ليس بها نسخ من حزب الله اللبناني مثل البحرين.
صحيح أن إيران نجحت لفترة في استقطاب حركة حماس، النسخة الفلسطينية من الإخوان المسلمين، ولكن هذه الحالة لها ظروفها، وليس معنى ذلك أن إيران تستطيع تنفيذ مخططاتها من خلال الجماعات الإسلامية في الدول العربية، فهذه الجماعات مهما أيدت إيران في صراعها مع الغرب، إلا أنها تعلم جيدا أن إيران لها أجندة معروفة في المنطقة.